. الصفويون والدولة الصفوية
الصفويون أسرة تركمانية عريقة(لفظ التركمان يعني التركي المؤمن فهو مشتق من الكلمتين تورك وايمان واطلق على المسلمين الاوائل من أتراك الاوغوز-الغز- فى تركستان .) أسسوا الطريقةالصفوية التصفوية في مدينة أردبيل في شمال شرق ايران ( آذربيجان الجنوبية ). وتشتق الاسرة اسمها من اسم جدها المتصوف السني تالشافعي الشيخ صفي الدين أردبيلي.
نجح أحفاد الشيخ صفي الدين وحاصة الشيخ جنيدم وابنه الشيخ حيدرم في نشر المذهب الشيعي بعدما تشيعوا لاهداف سياسية واصبحوا قادرين على المشاركة في الاحداث السياسية في آذربيجان وايران وتحولوا من شيوخ طريقة الى دعاة دولة لها أهدافها السياسية .وكانت ا الاجواء في ايران بالربع الاخير من القرن العاشر الميلادي حيث التمزق والفوضى والاقتتال على السلطة بين أبناء أسرة آق قويونلوفرصة مهمة استفاد منها الصفويون واستغلوها لكسب المزيد من الاتباع في عهد الشاه إسماعيل الاول الصفوي.
ولد إسماعيل الاول الصفوي في عام 1487م وتولى السلطة وعمره (14) عاما في 1501م واستمر حكمه لغاية عام 1524م. واستطاع مع اتباعه وانصاره خوض معارك عدة ضد حكام بعض المناطق في ايران والتغلب عليهم. وتوج جهوده بالاستيلاء على تبريز عاصمة دولة آق قويونلو ودخلها دخول الفاتحين واعلنها عاصمة للدولة الصفوية واعلن نفسه شاها على الدولة ولقبه اتباعه بأبي المظفر شاه إسماعيل الهادي الوالي واصدروا بإسمه العملة. وفي عهده اعلنت تبريز عاصمة للدولة الصفوية ..
كانت الشعوب الايرانية سنية المذهب وكان الشيعة يسكنون في مدن قم وكاشان والري .وبعدما توج إسماعيل الصفوي شاها على ايران فرض المذهب الشيعي على الشعب وجعله المذهب الرسمي للدولة على الرغم من إعتراض حتى علماء الدين الشيعة واعتراض سكان تبريز السنيين. لكن الشاه إسماعيل الاول قد تمادى في موقفه وتجاهل الاعتراضات وردود الفعل وامر الخطباء والمؤذنين ان يقولوا في الاذان أشهد أن عليا ولي الله وحي على خير العمل وامر بإنشاء مدارس لتدريس المذهب الشيعي ونشره بين الناس.
فكر الشاه إسماعيل الثاني بن طهماسب بن إسماعيل الاول الصفوي في الرجوع الى المذهب السني لرفضه المغالاة التي إتسمت بها الدولة الصفوية ولكنه تراجع عن فكرته بعدما أقنعه مستشاروه بان الرجوع الى المذهب السني ثانية يعني دخول الدولة االصفوية في نفوذ الدولة العثمانية السنية .
إن قيام الدولة الصفوية على أسس المذهب الشيعي على يد الشاه إسماعيل الاول حالت دون تلاحم الاتراك الصفويين والاتراك العثمانيين . كما وأن الدولة الصفوية شكلت سدا منيعا بين التركستان في الشرق وبين الدولة العثمانية في الغرب وانها بالتالي قضت على الاواصر بين هذين العالمين التركيين .
لولاالحروب المذهبية الطاحنة بين هاتين الدولتين التركيتين والتي زهقت أرواح مئات الالاف من المسلمين الاتراك لكان العالم التركى بل وحتى االعالم الاسلامي في وضع أفضل بكثيرمما عليه الان .وان االدافع الوحيد لتشيع الصفويين كان بهدف التميز عن الخلافة العثمانية السنية وتوحيد الشعوب التركية في امبراطورية تركية شيعية المذهب بالشرق على غرار الامبرطورية العثمانية التركية السنية في الغرب. ومن المفارقات في العلاقات بين الدولتين أن الصفويين كانوا يراسلون العثمانيين باللغة التركية بينما العثمانين كانوا يراسلونهم بالفارسية .
في الحقيقة ان تحول الصفويين من االمذهب الشافعي الى المذهب الشيعي لم يفد سوى الفرس الذين إستغلوا ويستغلون المذهب الشيعي للحفاظ على هويتهم القومية الفارسية واهدافهم السياسية في المنطقة وإلا كيف يفسر الدعم الاستراتجي للجمهورية"الاسلامية الايرانية" للارمن المسيحيين المحتلين لعشرين في المائة من آراضي جمهورية آذربيجان منذ أكثر من عشرة أعوام هذا الاحتلال الذي شرد ما يقرب من مليون مسلم آذري لا ينتظرون الدعم من ايران وإنما يدعونها باسم الاسلام للكف عن مؤازرة المحتلين الارمن لآراضيهم.
إتسمت العلاقات بين الدولتين الصفوية والعثمانية بالهدوء في في عهد السلطان العثماني بايزيدالثاني حيث كان رجلا محبا للسلم والادب والشعروكان بايزيد الثاني يميل لتعزيز علاقات بلاده مع الدولة الصفوية لكنه لما علم بان اسماعيل الصفوي يتمادى في ايذاء السنة مما جعلهم يلجأون الى الاراضي العثمانية كتب إليه يدعوه الى معاملتهم بالحسنى . .
مع تولي السلطان سليم الاول الحكم بالدولة العثمانية ازداد التوتر بين الدولتين. فقد كان سليم الاول ينظر بعين الارتياب لتحركات الصفويين وكان يخشى من تعاظم قدراتهم وتهديدهم للدولة العثمانية ودفعه كل ذلك ليقرر توجيه ضربة شديدة على غريمه الصفوي .
إجتمع السلطان سليم الاول مع قادة جيوشه ووزرائه في مدينة أدرنة في 16 آذارمارس 1514م واوضح لهم خطورة الوضع واعتداءات الصفويين على حدود الدولة العثمانية .بعد الاجتماع بثلاثة أيام خرج السلطان سليم الاول على رأس جيش كبير متوجها الى ايران وفي الطريق كتب الى امير الاوزبك عبيدالله خان يذكره بمقتل عمه محمد شيباني على ايدي الصفويين ودعاه فيها الى التعاون معه للانتقام من الشاه إسماعيل الصفوي .
كان إسماعيل الصفوي حين علم بقدوم الجيس العثماني مشغولا بالقتال مع الاوزبك لاخراجهم من خراسان وامر بهدم القناطر وتخريب الطرق والقرى الواقعة على طريق الجيش العثماني بهدف تأخير وصوله وإنهاك قواه . ولم يبد الحماس للمعركة وتجنب في البداية مواجهة العثمانيين وحاول إستدراج الجيش العثماني الى داخل ايران ولكن السلطان العثماني كان مدركا لما يدور في عقل خصمه فعزم على الاسراع في لقائه والتقى الجيشان الصفوي والعثماني في منطقة جالديران باقليم وان في شرق تركيا في 24 آغسطس 1514م وانتهت المعركة بهزيمة إسماعيل الصفوي وهروبه الى آذربيجان . وفي االخامس من أيلول سبتمبر من نفس العام دخل السلطان سليمالاول تبريز عاصمة الدولة العثمانية ومن ثم قفل راجعا الى بلاده مكتفيا بنصره الكبير غير راغب في معرفة مكان إختفاء الشاه اسماعيل ..
لم يحسم النصر الذي أحرزه السلطان سليم الاول في معركة جالديران الصراع مع الدولة الصفوية لصالح بلاده. وظل كل من السلطان سليم الاول والشاه اسماعيل الاول ينتهزان الفرص للانقضاض على الاخر وعلى الرغم من فداحة هزيمة الدولة الصفوية في معركة جالديران فقد حاول الشاه اسماعيل الصفوي تحقيق مصالحة مع السلطان سليم الاول لكنه أخفق ولم تحظ جهوده القبول لدى السلطان العثماني.
وهزيمته امام العثمانيين تركت اثرا سيئا وقاسيا في نفس الشاه اسماعيل الصفوي لانها كانت هزيمة من النوع الذي لم يلحق به من قبل فقد غلب عليه اليأس والحزن وانزوى بعيدا عن الناس وادمن الخمر وأشغل نفسه بالتفكير في الانتقام من السلطان العثماني سليم الاول الذي وافاه الاجل عام 1520 وهوفي طريقه في حملة جديدة ضد الصفويين وتوفي بعده الشاه اسماعيل دون ان يتمكن من تحقيق حلمه في الانتقام من العثمانيين إذ توفي متاثرا بمرض السل عام 1524م وهو في السابعة والثلاثين من عمره ودفن في آذربيجان وخلفه في الحكم الشاه طهماسب الاول .
كان الشاه إسماعيل يتمتع بصفات القيادة من الذكاء والصبر والشجاعة والقدرة على حشد الجماهير والتاثير فيها والتحكم عليها وتوجيهها . وتوليه الحكم وهو صبي لم يمنعه من إقامة دولة شملت بالاضافة الى آذربيجان جميع أنحاء ايران والعراق وخراسان . ولكن مايؤخذ عليه قسوته الشديدة مع خصومه وميله للانتقام منهم ومع هذا فانه كان رجلا محبا للشعر والشعراء والادباء وكان يقرض الشعر بالتركية والفارسية والعربية وله ديوان شعر بالتركية فيه قصائد يمدح فيها الرسول الكريم(ص) وألائمة الاثني عشر .
بعد إنتهاء الحكم الصفوي دخلت ايران تحت حكم سلالة تركمانية اخرى هي فترة حكم قبيلة الآفشار .فقد كان نادر شاه الافشاري ضابطا بالجيش الصفوي في عهد الشاه طهماسب الثاني الذي عرف عهده بالوهن والفوضى ؛ وخلال ذلك تزوج نادر من جوهر شاد اخت طهماسب الثاني واصبح فيما بعد قائدا عاما للجيش وعزل طهماسب الثاني ونصب مكانه عباس الثالث وفرض نفسه مساعدا له وفي عام 1736م اعلن الدولة الافشارية .
دخلت ايران تحت حكم السلالات التركمانية اعتبارا من الربع الاخير من القرن العاشر االميلادي.وإستمر ألف عام تقريبا.والدول التركمانية االتي تاسست فيها هي الدولة الغزنوية والدولة الايلخانية والدولة السلجوقية ودولتا اق قويونلو وقرة قويونلو والدولة الصفوية والدولة الآفشارية والدولة القاجارية . وجميع هذه الدول نشأت في آذربيجان واتخذتها مركزا لها في النواحي الادارية والعسكرية والثقافية .
ومن المعروف ان روسيا القيصرية وايران تقاسمتا آذربيجان وفقا لمعاهدة تركمان جاي عام 1828م حيث سيطرت روسيا على الجزء الشمالي من آذربيجان فيما سيطرت ايران على الجزء الجنوبي منها . تعداد آذربيجان الشمالية يبلغ 8مليون تقريبا ومن اهم مدنها العاصمة باكو وكنجة فيما يبلغ تعداد آذربيجان الجنوبية نحو 20 مليون نسمة ومن اهم مدنها تبريز واردبيل واورمية وصوغوق بولاق وغيرها.
وعلى الرغم من ان آلاذريين وآلافشار والقاجار يشكلون نحو 30 في المائة من مجموع السكان في ايران فانهم وإن كان معظم الاذريين شيعة محرومين من ابسط الحقوق الثقافية والسياسية لان المهم بالنسبة للنظام الايراني هو العنصر الفارسي وليس الدين او المذهب كما يدعي . وما يقدمه النظام الايراني من دعم ومساعدة للفرس في آفغانستان وهم سنة دون غيرهم من المسلمين وخاصة الاتراك الشيعة هو أمر يعري حقيقة هذا النظام وزيف إدعاءاته.
منقول من جعبة شلة تركمان اوغلو
TURK OGLU