طريق الحرير هي تركستان الشرقية
وقد عاشت تركستان عهدا ذهبيا ولعبت دولة القاراخانيين دورا مهما في تجارة الحرير ولها مصلحة من عائداتها الاقتصادية بشكل ضرائب وإتاوات ولم تكن تجارة طريق الحرير قاصرة بالحرير فقط وإنما كانت القوافل التجارية تحمل معها مختلف المصنوعات اليدوية النفيسة والأسلحة وبهارات وأعشاب تلك البراري التي تعتبر حينذاك من أنفع الأدوية إذا استعملت على توجيه طبيب عارف بخصائصها علما وتجربة . وكانت كل مسارات طريق الحرير من الشرق إلى الغرب تلتقي في مدينتي كوجار وكاشغر ومن الأولى تتجه القوافل التجارية إلى الغرب عن طريق سمرقند فوادي فرغانة ثم إلى خراسان فإيران فالإمبراطورية الرومانية القسطنطنية إسطنبول الآن ومن ملتقى مدينة كاشغر ( بالاساغون ) إلى مرتفعات جبال بامير ( باكستان ) فبلاد الأفغان والسند ثم الخليج العربي والبحر الأحمر ومصر وحوض البحر الأبيض المتوسط حتى جنوه في إيطاليا . علما بان منطقة تركستان غنية وكانت بلادالرافدين سوقا رائجة لاقوام الترك الاويغور ومنبع الحرير وموطنه الأصلي هو تركستان الشرقية وليست الصين كما يذكر بعض المؤرخين حيث أن الحرير أكتشف ولأول مرة فىمناطق أودون ، ختن ، فهناك كانت غابات مليئة بأشجار التوت حول عديد من المستنقعات وتولدت دودة القز منها ونستطيع أن نقول إن دودة القز هي التوت وبالعكس . ولم يذكر علماء علم النباتات وجود شجرة التوت في البر الصيني حتى أوائل عصر التاريخ وفي سنة 1983 م عثرت في أوربا قطعة من قماش الحرير يرجع تاريخها لسبعة آلاف سنة قبل التاريخ صنعت في أودون ـ ختن ـ نشرت الخبر جريدة الشرق الأوسط العربية الدولية ولدينا قصاصتها وأثبتناها في كتابنا ( الأعلام لبعض رجالات تركستان ) في باب الخصائص النظرية للتركستان الشرقية ولنظرية الحرير عملت أفلام عديدة عملتها وزارة الثقافة والعلوم اليابانية في أواخر السبعينات وترجمت إلى لغات شتى وعرضت في أكثر من عشرين دولة في أنحاء الأرض شرقا وغربا كما عملتها إدارة الشؤون الثقافية للعالم القديم في أمريكا بجانب الأفلام الوثائقية التاريخية لمنطقة منشوريا والحياة في سيبيريا قديما وحديثا ولدينا منها ما يشفى الغليل .
القاراخانيين الترك والإسلام
تقول كتب التاريخ الإسلامي والمؤرخون الثقات منهم الخطيب أحمد البغدادي وابن الأثير والعلامة المؤرخ القطب محمد أمين بوغرا في كتبهم التي نعتمد عليها كما اعتمد عليها كثير من الخلف منهم الإمام أبو الحسن علي الحسيني الندوي وكارل بروكلمان المتوفى سنة 1956 م في كتابه تاريخ الشعوب الإسلامية ومعاصره ونظيره التركي التتاري الأصل البروفسور ذكي وليدي طوغان المتوفى سنة 1970 م في كتابه الترك وتركستان ما ملخصه أن القاراخانيين كانوا في الذروة في بسط نفوذهم على كل تلكم البلاد الواسعة وشاسعة الأطراف في وسط آسيا كلها ولهم أمليك خانيات على نظام فدرالي بالتعيين الحديث منها أمليك خانية سمرقند تتبعها بخارى وأمليك خانية أترار وفاراب وأمليك خانية أويغوت المتاخمة إلى الصين شرقا منهم الحياطلمة وأمليك خانية بامير تتبعها بدخشان ووادي كشمير كانت عاصمة هذه الإمبراطورية مدينة كاشغر وعندما تقدم إلى تلكم البلاد بلاد الأتراك الفاتح أصف بن قيس وفاتح مدينتي مرو وبلخ في الجنوب من سهل خراسان سنة 22 هـ ـ العقد الرابع من القرن السابع الميلادي تصدت له جيوش إيليك خانية سمرقند ودحرته ـ وعندما تقدم إليها مهلب بن أبي صفرة وأبنائه زيد وفضل ودك حصون بايكند مدينة بالقرب من بخارى استنجدت إيليك خانية سمرقند من إيليك خان العظيم الرئيس الأعلى كول تكين خان من عاصمته كاشغر فتقدم الأخير إلى سمرقند وتصدى على مهلب بن أبي صفرة و أبنائه وأعادهم إلى بلخ ثم جاء قتيبة بن مسلم الباهلي وانهزم خاقان الترك وفتح قتيبة سمرقند وقبلها بخارى . وفي بعثة إسلامية إلى خانية أترار وفاراب وهي قازاقستان الآن قابلت البعثة خان الترك وعرض عليه الإسلام بالمبادئ الأساسية فرد عليه الخان إذا قبلنا الإسلام بهذه الشروط والمبادئ كيف يعيش أمتي وليس فيهم أسكافي واحد أو صاحب حرفة وأنهم يعيشون على السلب والنهب وعاش أتراك الشرق على سجيتهم ردها من الزمن طال حتى انقضت ثلاثة قرون بأكملها بينما انبعثت ثمار الإسلام في آسيا الوسطى في مقاطعة أمليك خانية سمرقند وتسرب الدين الإسلامي خفية إلى وادي تاريم المنطقة الجنوبية من تركستان الشرقية الآن حتى أن قدم إليها أي إلى وادي تاريم الفقيه الشيخ جمال الدين هنا أنقل حرفيا ما كتبه الإمام أبو الحسن علي الحسيني الندوي في رسالته الموجه إلى العالم الإسلامي بمناسبة القرن الخامس العشر الهجري الجديد في ضوء التاريخ والواقع . يقول والمأثرة التاريخية الثانية هي الشيخ جمال الدين وقد انتشر الإسلام بفضل إخلاصه وورعه في أحد فروع التتار الكبيرة (26) الذي عرف بفرع جغتاي . الذي كان يحكم البلاد المتوسطة . وكان مركزها كاشغر وأسلمت الفصيلة بأكملها وكان من خبره أن الشيخ جمال الدين كان متجها مع جماعة إلى جهة وكان التتار يكرهون الإيرانيين ويحتقرونهم . وكان الشيخ إيرانيا وصادف ذلك اليوم يوم القنص للأمير تغليتسير خان ولي العهد الأسرة الجغتائية وقد كانت مناسبة تتويجه قريبة ومعلوم أن الهائمين بالقنص لهم أوهام وتشاؤمات لاسيما الأمراء وأبناء الملوك فلم تزل لهم أوهام وخرافات يؤمنون بها فلما رأى الأمير أن الشيخ جمال الدين قد دخل في الحي الذي كان قد خصصه لنفسه أمران توثق أيديهم وأرجلهم وتمثلوا بين يديه لأنه تشاؤم به وتنغص من أجلهم أو سألهم في غضب كيف جرؤا على دخول هذه الأرض ، قالوا إننا أجانب وما علمنا أنها أرض ممنوعة ومحمية للصيد فتورطنا في الدخول إليها ومعذرة : ولما علم أنهم إيرانيون قال للشيخ وأشار إلى كلبه وقال أيكما أشرف أنت أم كلبي أجابه الشيخ بهدوء وقال إنه لا يمكن أن نحكم الآن في هذا فسأله الأمير متى يمكن ذلك فقال إن ذلك يتوقف على خاتمتي إذا كانت على الإيمان أنا أشرف وأسعد من الكلب ، أما إذا لم أسعد بحسن خاتمتى فلا شك ان الكلب هو احسن منى لأن أصل هذا الكلام الذي صدر عن قلبى وقع فىالقلب من الامير فسأله الامير عن الإسلام والإيمان هنالك عرض الشيخ على الامير تخلى يقرب خان فى اعز الإسلام فى غيره وحماس فرق لهما قلب الامير حتى كاد ان يذوب كما يذوب الشمع فصور الشيخ الكفرة بصورة مروعة اقتنع معها بضلال معتقداته وفسادها . فقال ولكني إذا اعتنقت الإسلام الآن فلن يكون من السهل إن أهدى رعاياي فأمهلني قليلا فإذا أبلغك أني بويعت بالحكم عد إلى فرجع الشيخ إلى بلده ثم مرض ومات حيث وصى ابنه رشيد الدين أن يرجع إلى توغلوق تيمور خان ملك الترك في أترار وفاراب ليوفى بوعده بالإسلام . وبعد سنين قليلة نما إلى رشيد الدين أن توغلوق تربع عرش خطاي فسافر إليه ولم يكن أن يدخل إلى بلاطه فقصد إلى حيلة حتما سيوصله فاتخذ له مكانا بالقرب من قصر توغلوق فأطلق صوته إلى عنان السماء ليؤذن بالصلاة وذات صباح استيقظ توغلوق من نومه على صوت الأذان المدوي فاستدعاه إلى المثل بين يديه فقال له الأمر فرحب به وعزم أن يعلن إسلامه وعلى الملأ وقال بالأمر إلى وزيره فقال له الوزير ، أما أنا قد أسلمت خفية منذ مدة ولم أظهره فدعا إلى تجمع كبير في ظاهر المدينة فأعلن إسلامه ودعا قومه إليه فأمنوا .
وكان عددهم يعرف بعدد الخيام التي يسكنونها وكانت تحت سلطانه سبعمائة ألف خيمة فيكون أن أكثر من ثلاثة ملايين من الترك الشرق اعتنقوا الإسلام في يومه هذا . انتهى الكلام الإمام بتصرف واختصار .
وقد تولى توغلوق تيمور الحكم سنة 748 هـ وتوفى 768 هـ الموافق سنة 1315 م في الوقت الذي تولى ابن عمه قوبلاي خان موحد الصين وسلطان الترك والمغول الحكم في إمبراطوريته في العاصمة بكين . وبالمناسبة أن الصين كدولة استعمارية استفادت من إمبراطورية قوبلاي خان حيث أبقت كل من منشوريا ومنغوليا ومناطق الحدود الغربية تحت سيطرتها حتى الآن وبالرغم أن البر الصيني وموطنها الأصلي لا تزيد مساحتها عن ستة ملايين كيلومترا فقط وقد أعلنت ذلك وعن غير قصد نشرة رسمية في كتيب صغير السفارة الصينية الشعبية بالقاهرة وقالت في مقدمتها ، الصين بلاد شاسعة تبلغ مساحتها 6000000 كيلومتر مربع وتقع تجاه غربي المحيط الهادي من أراضي خصبة وهضاب عالية وأنهار كبيرة ولقد كانت موطن الشعب الصيني فند تركه معرفة في البعد ويذكر احتلال سنكيانج 1760 والنشرة هذا تحت عنوان ( تاريخ الصين ) .
جنكيز خان وجنكيزيون
وفي القرن الحادي عشر الميلادي وعندما ترعرعت وتوقدت كل دعائم القاراخانيين والغزنويين وانشغال السلجوقية مع الحواريين تحركت قبائل المغول من خلف جبال …… وكانت لهم خانات إمارات متفرقة . وكان والد جنكيز خان من نقباء قومه وكانت به إمارة صغيرة بالقرب من منطقة أوسون ياتور في وادي أورخون وتعرضت الإمارة الصغيرة لعصيان داخلي وعداء من جيرانها وانقرضت وتشققت أسرة جنكيز تيموجين ، هذا اسمه ابن بشوكي خان 1157 هـ ـ 1227 هـ وتشرد جنكيز خان وعاش حيوة المماليك وكالحياة تنبئ جنبا آخر تنبئ بالعزيمة والقهر شديد المراس متقلبا في مزاجه بحيث تراه هادئا حينا وثائرا حينا آخر وما قال شيئا إلا فعل ، ثم دعا بتأثر أبيه ثم طالبه بملكه وجمع أتباعه من بنى وطنه وأسس حكومة محلية ثم اتسعت رقعة بلاده واهتم بالتجارة والاقتصاد وكان من ميوله الاتجاه إلى الغرب بعكس أقوام الهون الذين يرون سهل الصين الداخلي ووادي النهر الأصفر الدنيا بأكمله وفي خطاه وقع من قبل حرس الحدود في آسيا الوسطى للخوارزميين على التجارة المغول من أتباع جنكيز خان أرسل الأخير مرسولا لخوارزم شاه بطلبه العدل في القضية . وخوارزم شاه أخذته العزة بالإثم وقتل المرسول فثار جنكيز خان ثائرته ، واعتلا الجبل اعتاد أن يتخلى بنفسه أياما عدة ثم ينزل منه بأردء شاقة أو قرارات خطيرة ، وهذه المرة نزل جنكيز خان وأعلن على الملأ قائلا إن كان له السماء واحدا يجب أن يكون ملك الأرض واحدا وهو جنكيز خان . اعتقد أن كلمة جنكيز لغة القهر أو القاهر وأخذ العدة والعتاد وجحافل من جيوشه الهادر ونزل إلى سهول آسيا جنوبا دك القلاع والحصون وداس بحوافر خيله البلاد والعباد وأجرى ونهبا وسلبا ولم يسلم من جبروته أحد وإلا حائطا قائما فيما بين حائط الصين إلى البحر الأسود ووصلت قدماه إلى أحد من خراسان غربا ثم اتجه إلى وادي السند يعبرها وقتل راجعا إلى بلخ ثم سمرقند وأكثر الدماء والتهديم وقع في مدينة بخارى وما جاورها من البلدان وله أربع أبناء وهم جوبي جان ، جفتنان خان ، أوكتاي خان ، تولي خان (27) .
وشاءت إرادة الله أن يولى وجهته إلى الشرق والصين فقسم ملكه إلى ثلاثة أقسام لأبنائه الثلاثة وقيل أربعا وأخذ ابنه تولي خان بصحبته أينما حل ، وارتحل ووصل إلى الجنوب من النهر الأصفر بمحاداة حائط الصين شرقا ومات في ناحية من شئ الأويغورية وقد أشار إلى ربوة فيها لتكون مرقده بعد وفاته ولكن أبنائه أخذوا جثته إلى جبال ( قراقوروم ) أحد فروع جبال ألتاي شرقا كان هناك عريقة ، ودفنوا فيها وأخفوا تحسبا لاعتداء على جثته ولم يزل خافيا حتى الآن .
وسلمت التركستان الشرقية من حجية جنكيز خان وذلك أن كثيرا من التركستانيين دخلوا في خدمة جنكيز خان في الأعمال الإدارية والكتابية وتنسيق شؤون الجيش وفي سجلات ديوانه الخاص . دامت دولة ابنه جغتاي خان في آسيا الوسطى ماوراء النهر لعدة قرون . منهم تيمورلنك وحفيده ظهير الدين بابور شاه مؤسس إمبراطورية مغول الهند التي دامت أكثر من أربعة قرون عبر ثلاثة وأربعين إمبراطورا ملكا . أشهرهم في كتب التاريخ سبعة عشرة ولهم في الهند لمسات بارزة ومن مبانيهم الأثرية تاج محل والحدائق معلقة في وادي كشجن ـ والمسجد البابوري الذي تعرض لهدم جماعة السيخ في العام الماضي بناه ظهير الدين بابور بماله الخاص وفي عهده . وقضت على الإمبراطورية المغولية ( شركة الهند الشرقية ) الخنجر المسموم للتاج البريطاني سنة 1842 م .
وقد مال الجنكيزيون إلى الخير ودفع كفارة ما فعله هولاكو في بغداد سنة 657 هـ الموافق سنة 1258 م ، أو كاد بإسلام بركة خان حفيد جنكيز خان الذي حارب هولاكو ودهره ، وبتناول الوفود مع السلطان بيبرس سنة 1261 م ، واهتم بنشر الإسلام في كل أرض وطئتها قدماه وكان تيمور وظهير الدين بابور شاه شديدي التدين وانتقد تيمور بالجبروت وسفك الدماء وبناء منارات من جماجم ضحاياه ولكن التحليل العسكري وفلسفة إيقاع الرعب في قلوب من يقاومه تبرر بعض هذه الانتهاكات .
سقوط إمبراطورية تيمور لنك وقيام الدولة السعيدية
سقطت أو انهارت إمبراطورية تيمور لنك التي أشغلت العالم في العقود السبعة الأخيرة من القرن الرابع العشر الميلادي ، انهارت بوفاته سنة 1405 م ولكن القرن الخامس عشر لم تكن أفضل من سابقه بالنسبة للتركستانيين حيث تفاقمت هناك مسألة تقسيم الإرث والاستيلاء عليها بالقوة والبرجوازية ثم أتى القرن السدس عشر حيث أطلت علينا أو قيض الله لنا الدولة السعيدية التي حكمت النصف الشرقي من تركستان الكبرى بدء من حائط الصين وانتهاء لمشارف سمرقند ودانت دولة السعيديين قرابة مائة وسبعين عاما . وكان من مقاصدها استعادة وادي كشمير وجزءا من هضبة تبت . . وكادت أن تنال قصدها حتى أن بعض الحملات العسكرية التي هناك كانت بقيادة أشهر ملوكهم السلطان سعيد خان الثاني الذي مات في إحدى تلال هضبة تبت متأثرا باستنشاق الهواء الفاسد الذي يتولد من تصادم المعاكسات الهوائية في أودية وشعاب جبال (كوئنلون)بامير اعتقد الهواء الخالي من أكسجين . وعرفت الدولة السعيدية بدولة المغول الشرقية تقابلها إمبراطورية مغول الهند . حتى أن المؤرخ القدير الضليع ملا موسى سايرامي يذكرها بدولة مغول الشرق . ولم تزل عروق ومجمعات في تركستان الشرقية مغولي الأصل ولهم مناطقهم الخاصة بهم .
وفي سنة 1679 م سقطت الدولة السعيدية وكان العهد عهد محمد أمين خان السعيدي حيث خانها متصوف ماكر عاش وترعرع في البلاط السعيدي من المقربين لسلاطينهم . ومن ثم دبر خطة لا طاعة الحكم السعيدي وإقامة دولة الصوفية مكانها وطلب مساعدة من أهل التبت البوذيين وكان سلطان سعيد خان الثاني في غزواته ضد هضبة التبت لجعل هذه المنطقة منطقة إسلامية ولذا شرخ المتصوف هداية الله إيشان مقاصد ولي نعمته الذي وجعله غريما يجب إزالته للبوذيين وقال أيضا ان الطقوس والمحاكات النفسية عند المتصوفين المسلمين تشبه لحد ما لإيماءات وإشارات وحركات المتعبدين البوذيين . هكذا بمساعدة البوذيين من أهل التبت والبوذيين المحليين آنذاك استطاع هداية الله إيشان إسقاط الدولة السعيدية في أواخر القرن السابع عشر وإقامة دولة المتصوفة الصعاليك دامت لأكثر من ثمانين عاما ثم انقسمت على نفسها وارتهلت ثم بدت دول وحكومات وملوك الطوائف في كل الشقين من تركستان . وكانت لمنطقة تركستان دولة النبلاء والأشراف عرفت بالتورانيين . التورة النبيل بالتاء وليست بالطاء كما يكتبها بعض المؤرخين .
وقد فند الدكتور محمد علي الباز بحثه القيم ونادر الوجود خدمات تركستان قديما إلى ساحات عدة وأتى بنتيجة بحثه الثمين هذا بأنه أقوام البدو وفي التركستان الشرقية بشدة بأسهم وبسالتهم أصبحوا عمادا جيوش الدول الإسلامية وما أن تمت لهم السيطرة على القوة العسكرية حتى صاروا أمراء وسلاطين وللدكتور محمد علي الباز الفاضل أياد بيضاء نقية نحو أمة الترك في تركستان الكبرى عبر كتابه ( المسلمون في الاتحاد السوفيتي ) في جزأين . ومحاضرته القيمة سنة 1408 هـ في اسطنبول وبحثه الثمين ( نظر لإسهام التركستان الشرقية في تاريخ الإسلام )
تركستان الكبرى وتقسيمها بين روسيا والصين
تركستان الكبرى وحدودها الدولية الآن تنحسر في مساحة تقدر بما يقرب من ستة ملايين كيلومترا مربعا . تنقسم إلى قسمين تركستان الشرقية وتركستان الغربية وكيف كان تقسيمها بين الدولتين العظيمتين ؟؟؟ بعد أن تكالبت عليها القوة الجائرة منذ أمد بعيد حيث هجمات الصين عليها تمتد إلى عدة مئات من السنين الخوالي . ولم تكن روسيا القيصرية أقل طمعا من الصين وكأنهما في سباق للنيل الأكبر مساحة ممكنة عن التاريخ ولكن مشغولية روسيا القيصرية في آفاق سيبيريا وإدراك دقائقها أحزنها لسنين عديدة من الوصول إلى مناطق خصبة واهلة بالسكان في آسيا الوسطى عندما استولت روسيا على مناطق جبال أورال وبلاد التتار سنة 1730 م بمنبت إلى بلاط التور التي كانت في نظير روسيا جرس الأنظار ضدها في دخولها إلى ماوراء النهر في فرصة مواتية قضت عليها من منطلق الشراسة والنهم ثم قدمت إلى قازاقستان ( الخوارزم ) قادمة من مرتفعات سيبيريا وإن خوارزم قازاقستان الآن تشكل مايقارب الثلث من مساحة تركستان بأجمعها حيث تقدر مساحتها لوحدها الآن بأكثر من مليونين وسبعمائة ألف كيلومتر مربع وإن طولها من حدود منغوليا شرقا إلى سواحل بحر قزوين تقدر بأكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر وكانت هناك في الغرب الشمالي إمارات قازاقية ومن أشهر مدنها آنذاك كاسان وجمكت بالغرب من صوفية طاشكند شمالا ، وأما البقية الباقية من سهول آسيا الوسطى التي عليها الآن أربع جمهوريات إسلامية : أذبكستان ، وتركمنستان ، وتاجيكستان ، وقرغزيا تشكل ما يقرب من مليون كيلومترا مربعا فقط . وقد استولت روسيا القيصرية على براري وسهول قازاقستان في حوالي منتصف القرن الثامن عشر الميلادي . وكانت سهول فرغانة بما فيها بخارى وسهل فرغانة وقرغزيا وبلاد تاجيك وتركمان تحت حكم إمارات محلية مثل إمارة بخارى ، وجنوة ، وقوقند وكانت طاشكند وسمرقند . تحت إمرة أمراء البلاد من سليل النبلاء والأشراف غاطين في كر الملذات وأحضان القيان مشغولين بالتغني للتاريخ الماضي ولم تكن هذه الإمارات والسلاطين الحكام في مأمن عن بعضهم البعض وعن هجمات روسيا القيصرية ولم يأخذ الأمر بالجدية وبالاستعداد للتصدي على أعداء بلادهم بل بلغ عند بعضهم السفه مثل ما جاءه من يخبره بأن جنود قيصر دخلت كاسان وهي مدينة بعيدة عن طاشكند قال له ابن هذه المدينة وكم يبعد عما قال الرجل يبعد عنا بمسافة شهرين بالدواب فأجابه بكل سفه ، مالي حاجة في بلد تبعد عني بهذه المسافة فليأخذها قيصر (28) وذلك في النصف الأول من القرن التاسع عشر . ولم يأت سنة 1860 م إلا وقد داست روسيا القيصرية مدينة طاشكند وسمرقند في سهل فرغانة وبلاد تركمان وقرغزيا وهل الدولتان روسيا القيصرية والصين اتفقتا مسبقا بتقسيم تركستان الكبرى بينهما بثلثين روسيا للصين فكانت منطقة تركستان الكبرى من نصيب الصين تبلغ مسحتها لأكثر من مليونين كيلو مترا مربعا بينما استولت روسيا القيصرية بالإضافة إلى خوارزم قازاقستان بما يقرب من أربعة ملايين كيلو مترا مربعا من أخصب الأرضي الإسلامية بأنهارها الخمس وأحواضها المتعددة منها بحيرة أورال ونهري جيحون وسيحون وزرفشان وإرتيش الأخيرة تشكل شريان النقل الداخلي من الشرق إلى الغرب تحجز البواخب عبابها إلى أكثر من ثلاثة آلاف كيلو مترا من منابعها من جبال آلتاي إلى مصبها في بحر قزوين وهناك لأكثر من عشرين نهرا بمختلف الأحجام والأبعاد .
وأما التركستان الشرقية تختلف كثيرا في المناخ بالنسبة للتركستان الغربية حيث أن الشرق أجدب أفقر وفيها صحارى وجبال والغرب أخصب وكلها سهول منبسطة ذات محصول وفير غير أن روسيا القيصرية زادت من طمعها وضحت إليها مناطق شاسعة تحص الشرق في السبعينات من القرن الماضي ثم أعادت ولاية عرلجافنط وابتعت لنفسها مدنا أهلة بالسكان ومنابع الحياة تقدر مساحتها بثلاثة مائة ألف كيلو مترا مربعا من خيرة الأراضي الخصبة ومن مدنها آلما آتا ويشكله وأوش وتوقماق وأتوبيش وباركت بالتتجي ودنارين وبين أحواضها بحيرة بالتاش والسؤل وقد ألمحنا بالموضوع في مقدمة هذه الكلمة . ونحن لا نحمل حق الجيرانيا وهم اخوة له نطلب ودهم بأي ثمن .
كانت التركستان الغربية تعيش منقسمة إلى عدة خانات وحكومات وإمارات كما أسلفنا وكذلك الحال في التركستان الشرقية فهناك خافية خفت تحت رئاسة عبد الرحمان خان غوجام وإمارة كوجار طورفان تحت قيادة الشيخ راشد الدين خان وإمارة كاشغر تحت قيادة صديق بك قرغز وخافية أولى خليطا من الحكام من مسلمي الصين والفينيقين والحنطين ، وغولجا وبها حكومة محلية تشمل كلا من ولايتي جوجك والثاني ، وكانت ولاية قمول تحت وصاية متصرفة إقطاعية أمثال منصور .. ثم منصور وانك في أوائل قرننا هذا ولم تكن لصينيين وجود يذكر الأمن أشخاص يديرونه محلات الربا والرهائن ويشتغل بعضهم بالفلاحة وأما الإدارات الحكومية تدار وكالة على أن الكوادر الصينية المتناثرة معرفة للإبادة من قبل الأهالي إذا شاءوا أو من بعض الحكام أمثال راشد الدين خان بدأ يثير القلاقل للهيمنة على ولاية كاشغر متحد صديق بك من إمارة خوقند فاستجاب لطلبه وأتى شيخ التصوف ولي خان تورة بمعية أمن صبة المحنك ولم يكن هذا الأثر إلا يعقوب بك .وكان معهما أربعمائة فارس وما هي إلا أيام قضى على صديق بك فاستغل ولي خان تورة بولاية كاشغر ثم لعب النار في يعقوب فدبر خطة لإرسال ولى بعمته ولي خان إلى الحج فتم لله ما أراد واستقل يعقوب بك في الحكم وذلك سنة 1871 م ، ثم قضى على إمارة ياركند وزج بأميره السجن ثم قتله ثم اتجه إلى حالة فتن وكان حاكمها الشيخ عبد الرحمان خان من الأفاضل الكرام وقال يعقوب بك اثبت لزيارتي والدي وإذا لم يقبلنى فقلت راجعا وحلف لصدق إخلاصه بإيمان غليظة وهكذا استجلبه إلى خيمته خارج المدينة وجرده من حرسه بمكر وخداع ثم اعتقله ودخل مدينة ختن وأعلن سقوط الإمارة وتوليه الحكم فيها وبعد أن استتب بها الأمر برجاله المخلصين قفل راجعا عرفيه كاشغر ثم تجهز إلى غزو ولاية كوجار وعلى حاكمه السيد راشد الدين خان وأجهزه وقضى عليه وأخذ أسيرا هو وأبنائه ثم اتجه إلى غزو مدينة أورومجي وانتصر بعد معارك دامية ثم اتجه إلى غولجا وقبل الصلح من أمرائها . فاتخذ مدينة كورلا عاصمة لملكه أو سوقا لجيشه حيث إن أورومجي وما جاورها من البلدان لم يستتب الأمن بعد أو لم ترضى لحكومته وذلك أن خليطا من الأجانب والصينيين قاموا عليه بثورات وانقلابات ولكنه صمد صمود الأبطال المغاوير وأسس دولته المسلمة الموحدة دامت حتى سنة 1884 م حيث قضى عليها الجنرال الصيني المخضرم ( زوزونك تانك ) وبدون معارك فاصلة وذلك إن زمرة من خلصاء النفاق من بطانة يعقوب بك . سمموه في عرينه . وقبل هذا الحادث الجلل الوقح خانه أحد غلمانه خمش صيني أمره لقافلة تحمل خزينة الدولة من مدينة كورلا إلى ولاية آقسو محملة على أربعين بغلة وعليها عشرة من الحراس ـ وأن الغلام عاشور خدعهم ونحى بها إلى أورومجي حيث سلمها للجنرال الصيني ( زوزونك تانك ) وقبل هذه الخيانة شبت نار هائلة إلى مستودعات الدولة مكدسة بالأغذية والأسلحة والعتاد الحربي بالقرب من مدينة كوجار ولم تنفع بها المحاولة المستمية لأخمادها حتى أتت على آخر قشة فيها دامت سبعة أيام وللأمير تفاصيل كثيرة يطول ذكرها . وسقطت تركستان الشرقية لقمة سائغة في يد الصين سنة 1884 م كما سقطت تركستان الغربية بأكملها في يد روسيا القيصرية في الستينات من القرن المنصرم وكان الصينيون قديما يطلقون كلمة ( منطقة الحدود الغربية ) على التركستان الشرقية فسماها الجنرال الصيني ( زوزونك تانك ) بـ ( شنجيانغ ) الأرض الجديدة منذ سنة 1884 م وبعد ستة عشر عاما من هذا الاحتلال البغيض قامت في الصين حكومة نظام جمهوري في سنة 1911 م دامت في هشاشتها سنين عديدة حتى أن الدكتور ( سون يات سين نفسه لم يدخل البكين إلا سنة 1925 م وبعد عدة شهور مات فيها وبعد موته بثلاثة سنوات تكونت حكومة الجمهورية تحت رئلسة ( جان كايشيك ) وفي هذه الفترة قامت ثورات عديدة في التركستان الشرقية ضد حكومة الصين ومن أبرزها ثورة تمور خلفة سنة 1913 م وأخمدت الثورة بحيلة ماكرة مدبرة ثم قامت نهضة أو صحوة المثقفين في البلاد في عرضها وطولها ، وقامت ثورتنا المباركة العامة سنة 1931 م بقيادة السيد الوجيه خوجا نياز حاجي من مدينة قمول الباسلة وشاطرتها الثورات المتزامن في كل ولاية من ولايات العشر وأعلنت ( جمهورية تركستان الشرقية الإسلامية ) سنة 1933 م الموافق سنة 1354 هـ بقيادة خوجا نياز ورئاسة فضيلة الشيخ ثابت الكمالي ووزعت حقائب الوزارات لنخبة ممتازة من الوطنيين الأحرار في ثمانية عشر وزارة ولكن روسيا خافت على نفسها من شقيقاتنا جمهوريات الخمس ( الإسلامية ) المتآخمة لنا من الغرب وعملت دسائس وأعملت جواسيس لإطاحة الجمهورية الفتية بالفعل سقطت الجمهورية الإسلامية سنة 1934 م على يد قائد صيني عميل ماكر لروسيا ولحكومة الصين المركزية . باتخاذ سياسة مزدوجة حيث حكم البلاد بالحديد والنار وأنشأ السجون والمعتقلات وراح ضحية عهده ولمدة أقل من عشر سنوات ما يزيد عن ثلاثمائة ألف شخص من خيرة رجال الأمة أكثرهم من المثقفين والعلماء والأغنياء ورجال المال والاقتصاد . ومن جهة ثانية أنشأ مدارس ومستشفيات وعبد الطريق وفتح معاهد للحرفيين وازدهرت التجارة في عهده مع روسيا ( استيراد و تصدير ) وعندما أينعت ثمار دور العلم والمعرفة وتسلح الشباب ، الشباب المسلم بالعلوم والفنون خاف على نفسه وصادف ذلك بداية حرب الكون الثانية سنة 1938 م تعطلت المدارس والمعاهد والكليات بمنع الإمداد اللازم وتأخير رواتب المعلمين والمعلمات وبالتالي دفعهم إلى قارعة الطريق يستنجدون الناس أو ينصرفون إلى حرفة يدوية وجلس بعضهم على أبواب الدوائر الحكومية لكتابة العرائض والوثائق ومراسلات عادية . وقامت ثورة البطل عثمان باتور في شمال البلاد وكذلك استعد شباب الأمة وشيبانهم في ثلاثة ولايات في الشمال على الثورة وإقامة حكم محلي وذلك في أوائل سنة 1944 م الأمر الذي عجل الحاكم بالنزوح إلى داخل الصين والارتماء في أحضان ( جانكايشيك ) بعد أن شحن أطنان من الذهب والفضة وأرسلها وتولى في الصين وزارة الشؤون القروية ووزارة الأرياف . وفي سنة 1945 م تولت حكومة الثورة الإسلامية للولاية الثلاث الشمالية تحت قيادة ورئاسة الشيخ الفقيه علي خان تورة باسم ( جمهورية تركستان الشرقية ) ثم بدأ بالتناوش وإيقاظ الشباب في سائر الولايات السبع فلم تبق أمامها إلا المداهمة على العاصمة أورومجي . التي لم تكن لديها أقل من ستة عشر ألف جندي من مختلف الجنسيات يقابلها ثمانون ألف جندي الجمهوري الوطني منهم ثلاثون ألفا وصلوا على مشارف العاصمة و على بعد 110 كيلو مترا ، عندها استنجدت حكومة ( جانكايشيك ) بالزعماء الثلاثة المقيمين في داخل الصين وهم الدكنور مسعود صابري بايقوزي والسيد محمد أمين بوغرا والسيد عيسى يوسف البتكين أتت بهم الصين إلى العاصمة أورومجي لتهدئة الحال وأخذ زمام الأمور قبل أن تنفلت وكان بمعيتهم الجنرال ( جان بوجانك ) رقم اثنين في الجيش الصيني الذي تحت يده قيادة ثلاثة أقاليم شمالية منها منطقة تركستان الشرقية ( شنجيانغ ) وعندما أحست روسيا . . . الزعماء الثلاثة بزعماء الولايات الثلاث المتحررة في الشمال خطفت قائد الثورة وحاكم البلاد الفقيه الشيخ علي خان تورة إلى طاشكند بصورة غامضة وتولى رئاسة حكومة الثورة الشاب المحنك أحمد جان قاسمي وزملائه . فتشكلت في أورومجي حكومة الائتلاف بين الفئات الثلاث الصين ، والوطنيين الأحرار الزعماء الثلاث ، وأرباب حكومة الثورة للولايات الثلاث الشمالية ، و وقعوا على وثيقة الائتلاف الحكومي ذو إحدى عشرة مادة وتولى رئاسة الحكومة الجنرال ( يوجابك ) وتوزعت مقاعد الأعضاء وأختيرة أحمد جان قاسمي لرئاسة الحكومة مساعدا للرئيس جانك . وكان من ضمن مواد الوثيقة أن يكون المحافظة على الحدود والجندرمة من قبل الصين فاستفادة الصين من هذه الفرصة ودفعت إلى البلاد بمائة ألف جندي صيني وبالفعل توزعت إلى عشر ولايات الأمر الذي زاد في عدد الصينيين في البلاد مائة في المائة حتى بلغ عددهم فى البلاد إلى مائتين ألف صيني سنة 1946 م . وقد تلاحموا عبر عن جواسيسهم بضعاف النفوس والمحسوبين من أهل البلاد وعرقلوا تنفيذ بنود الاتفاق في سير أعمال البلاد الإدارية ثم تدخلوا في الانتخابات المحلية بإيعاز من أعضاء الحكومة الصينية وحاولوا أن يحولوا بين الزعماء الوطنيين والشعب في أثناء زياراتهم المتكررة لجميع مناطق البلاد ورموا بعضهم التهم الباطلة والأخلاقيات بطريق مزيفة لتلطيح سمعتهم ولأجل ذلك انسحب مساعد رئيس الحكومة السيد أحمد جان قاسمي من رئاسة الحكومة وقفل راجعا إلى الولايات الثلاث رئيسا لها كما كان . ثم جاء الدكتور مسعود صبري بايقوزي على الرئاسة بدلا من ( جانك ) لتهدئة الأوضاع السائدة والمتصاعدة إلى إعلان ثورة ضد الصينيين المهيمنين على السلطة وتولى السيد عيسى يوسف البتكين سكرتارية الحكومة والسيد محمد أمين بوغرا للإنشاء والتعمير ودام الدكتور مسعود في رئاسة الحكومة حتى شهر إبريل من سنة 1949 م حيث انتقلت الرئاسة إلى برهان شهيدي في الوقت الذي دكت حركة ماوذي دونك من شمال الصين الشرق حصون وقلاع جانكايشيك كومندان . الأمر الذي ازدادت دقات قلب اليسار المتطرف فرحا بذلك وبعد فشل عدة اجتماعات لأعضاء الحكومة لدراسة الموقف المتأزم تجاه اتخاذ القرار بعدم الاستلام لحركة ماوزي دونك مهما كلفهم ذلك وعندها . أعلن برهان شهيدي استسلام ( شنجانغ ) لحركة ماو دون قيد أو شرط ، فأخذ الزعماء عيسى يوسف البتكين والسيد محمد أمين بوغرا يسرع الخطى بالنزوح إلى الهند . في حين امتنع الدكتور مسعود صبري بايقوزي عن مغادرة البلاد وذلك في شهر آب أغسطس 1949 م وفي اليوم الثالث والعشرين من شهر أكتوبر استقبل برهان شهيدي وأعضاء حكومته الموالين له فلول القادمين من الجيش الأحمر في مدينة قمول المتآخمة للصين وكان قائد هذا الفيلق الفريق ( وانك جين ) بينما وصل الزعيمان إلى الهند برفقة المئات من الكوادر الحكومية والكتاب والصحفيين منهم الأستاذ عبد الرحيم أوتكور والسيد إبراهيم مطيعي وعبد العزيز جنكيزخان وقربان قوداي وفلاد قادري وعبد الستار دولت . أكثرهم بعائلاتهم ومعهم أسلحة شخصية تكفي لحمايتهم من كل سوء إذا لزم الأمر (29) .
تركستان الغربية
في روسيا قامت قيامة التركستانيين بحلول سنة 1910 م حيث فرضت عليهم روسيا القيصرية التجنيد الإجباري عن طل لأسرة ولو كانت الأسرة خالية من الأبناء فتسارع الأثرياء وذوي المناصب بشراء أبناء الأسر الفقيرة مقابل حفنة من المال ولكن الكثرة الكاثرة واجهوا الموقف مستضعفين وهكذا إذعنوا عليه صاغرين وغقدوا أبنائهم وذلك في حرب روسيا القيصرية مع اليابان في أقصى الشرق وعلى سواحل المحيط الهادي حتى سنة 1914 م حيث قامت حرب الكون الأولى وعقب الحرب انتصرت شرذمة الشيوعية الماركسية اللينينية في ثورتهم على روسيا القيصرية المريضة المتهالكة في أكتوبر سنة 1917 م ولم تزل إمارات خيوة وبخارى وقوقند قائمة تحت حكم نفسها بنفسها ولكن روسيا الجديدة ( الاتحاد السوفيتي ) قضى عليها جميعا عند مشارف سنة 1922 م ثم قضى على أكثر من سبعة وثلاثين فصيلة من فصائل الثوار الوطنيين قبل سنة 1928 م حيث أعلن إبطال أي اعتقاد ديني ولا ديانة كانت وفرض على الأمة مشروعه ( الكالخوز ) تعني ( نعمل جميعا ونأكل سويا ) وفي نفس السنة ألغى المحاكم الشرعية وهدم المساجد والمدارس ودور العبادات من أدنى البلاد إلى أقصاها وشموع في الإصلاح الزراعي وإلغاء صكوك الملكية بإعلانه أن الأرض ملك للدولة فلا يمكن التفريط فيها ثم ألغى الترابط الأسري ولاسيما سلطة الوالدين والأخوة على بعضهم البعض وكل الهويات يرجع إلى الدولة أو إلى الأب لينين حسب تعبيرهم أخزاهم الله وأغلق الحدود ضاربا ستار الحديدي بعزلة تامة عن العالم الخارجي وبانعدام الروحانيات والإلهيات في مستويات الشعب .
ونحن نرى نفس هذه الخطة الجهنمية في تركستان الشرقية منذ سنة 1949 م ولاسيما منذ سنة 1957 م حيث وضعت الصين الشعبية كل مثقلات النظام الماركسي البغيض على أمتنا المغلوبة على أمرها . وهناك اختلافات أيدلوجية بين الصين وروسيا وبموجبها تنجلي موقف النظامين من الشعبين الشقيقين الأمر الذي نعمل جهدنا لنبرز هذه الفوارق فيما يلي من إيضاح للساحتين المغايرتين .
مرئياتنا عن حاضر تركستان بشقيها الشرقي والغربي
قلنا فيما سبق أن الشعب التركستاني المسلم عان الأمرين بقعود من الزمن وأما الفوارق تبدأ من النظام الشيوعي المفروض عليهم في التركستان الغربية منذ خمسة وسبعين عاما وبالتحديد من سنة 1917 م وإن هذه السنين كفيلة بأن تغير الجذور قبل الفروع حيث لم يتبق هناك جذع واحد من العهد الأولى أي قبل أكتوبر سنة 1917 م حيث أنهم عاشوا مسخرين في الأغلب الأعم في ثلاثة محاور . الأول العمل في الحقول الزراعية والتعدين . والثاني الانضباط في السلك العسكري قهرا وجبرا . والثالث الخدمات العامة المبتذلة في مختلف الدوائر الحكومية وبدون استثناء كخدم وأعمال البناء والتشييد في الجسور والكبارى والطرق ووسائل النقل والورش والمصانع عسكرية والمدنية كآلة صماء جاهلة عمياء غير مبصرة مثل حكاية ضفدعة في قاع البئر . وفي المدة الأخيرة كنا في زيارة خاطفة لبعض الجمهوريات الإسلامية المستقلة في آسيا الوسطى نرى فيها البطالة المتفشية والجهل الضارب أصابه على الصغير والكبير والفقر المدقع اللهم إذا قنن أحدهم دخله على مصروفه يكاد يكفيه أو لا يكفيه رغم رخص الأسعار وأما العلم والمعارف مقصورة لفئات محدودة جدا ولا تتحمل الدولة الفتية أي مصرف تزيد عما كانت عليه الحال في العهد البائد وأن الاتحاد السوفيتي عبر تاريخه الطويل ترك شعب تركستان محروما من العلم والأدب والثقافة باستثناء بعض ما يسمى بالثقافة مجازا من موروث القوم من غناء أو طرب وبعض القصائد المتبقية البالية لا تمت بمصير الأمة بصلة وأن الشعب مدعو بكل فئاته إلى المجالس المحلية المعتادة الرتيبة المملكة وإلى السينماء والمسارح ليلا ونهارا ولم نرى كتابا واحدا أو نشرة قومية ذو ثقافة وعلم وبيان في جميع هذه الجمهوريات ولم تزل الإدارات الحكومية أو أصبحت في حاجة لمثقف أو متعلم أو متعلمة يسد فراغا من فراغات هائلة بجانب الفراغ الروحي من ديانة وعقيدة وعبادة . غير أن بعض الأوساط من أبناء الشعب ولاسيما المسنون منهم بدأوا يهتمون بدور العبادة من مساجد وديوانات شخصية يتكلم الواحد منهم من حيث يدري ولا يدري عن عبادة وعقيدة وعلم ، ولكن بشكل بطيء لا تأثير له ولا يغير شيئا من حياة أمتنا في المنظور القريب . وهناك بعض الأبنية ذات صلة بتاريخ البلاد وثقافتها القديمة كمدرسة أواوغ بك في بخارى وكوكلداش في طاشكند أعيدت بنائها أو رممت وأكملت المهدم منها اعتقد أنه كإحياء للتراث وليس كعودة للدين والعقيدة . بينما نرى ونسمع من كثير من كبار السن يرجون أن يبدأوا شبابهم وشاباتهم الرجوع إلى حظيرة الدين والعقيدة ولكن العمل ضعيف جدا جدا . والمبعوثون من الشبان والشابات إلى الدول الإسلامية للدراسة قليل جدا بالنسبة لبلد مترامية الأطراف يربو عدد سكانها أقصد سكان الجمهوريات الخمس عند خمسة وأربعين مليونا من المسلمين .
ورب سائل يسأل أن الاتحاد السوفيتي آخذ في حينها للاهتمام بالتعليم والتربية والحال هذه كيف تفسرون حالة المسلمين في آسيا الوسطى . نقول أن الاتحاد السوفيتي اهتم بالتعليم والتربية وبالدرجة الأولى لأبناء السلاب وفي حدود روسيا المسكوفية وأما جامعة طاشكند الحديثة . وكذلك عدة جامعات في أنحاء البلاد اتخذت للدعاية ولتعليم أبناء شعوب مبتعثة من خارج البلاد لبث تعاليم ماركس ولينين وستالين بجانب علوم وفنون مقننة وذلك خدمة بل عملا جادا الضرورة لترسيخ قواعد ومرتكزات الشيوعية العالمية وتدخل في هذه المجال والقصد بعض أبناء آسيا الوسطى بنين وبنات من أسر معلومة محدودة وحسب حاجة النظام لخدماتهم كواجهة من كفاءات وطنية فيبقى أبناء الشعب في معسكرات السخرة للعمل والإنتاج كأي آلة لا إرادة لها .
فالجمهوريات الخمس الإسلامية في حاجة إلى الكوادر الإدارية والأطباء والمدرسين وجيولوجيين والمحاسبين ورجال الاقتصاد والمخططين لمستقبل البلاد والعباد ولم تزل هذه المراكز مشغولة بالكوادر الروسية من دار رئاسة الجمهورية إلى كشك الوجبات الخفيفة واللغة الروسية أصبحت لغتهم المتعارف عليها وكأن لغة قومهم من اللغات الوافدة إليهم حتى في صالات الطعام في الفنادق والأسواق الحكومية متعددة الأدوار وبدون مبالغة الطفل يبدأ اللغة الروسية حياته من فم والدته إلى أن يلفظ أنفاسه الأخيرة في آخر حياته وأن أقواما وتجمعات شعبية في قازاقستان وقرغيزيا لم يعرفون شيئا عن لغة قومهم . وأما البطالة في البلاد أتت عن قفل روسيا مصانعها الحربية وتسريح العمال وسحب مهندسي هذه المؤسسات إلى روسيا وما أكثر هذه المصانع المقفولة المهجورة وضخامتها . وأما الفقر في البلاد بالدرجة الأولى من ضالة الأجور وانعدام العمل وقلة المشاريع المستقبلية . وانعدام المصانع للحاجات الضرورية اليومية لحياة الشعب من نسيج والأواني المنزلية والمفارش والملابس والمعلبات من الأطعمة والصابون وأدوات التجميل والعطورات وأوراق أو مناديل صحية وورق الطباعة وأدوات مدرسية ووسائل تعليمية والأجهزة الالكترونية حتى الصلصلة ليس لها مصنع في البلاد ولا أظن هناك مصنعا لابرة الخياطة . وشفرة الحلاقة . فطل هذه الضروريات اليومية مستوردة ـ إن وجدت ولم تزل حاجة الناس في الازدياد يوما عن يوم فعلى هذا تزداد الأسعار لسائر السلع الضرورية والأغذية ونرى في الأسواق جاكيتات سورية ومعلبات مصرية وصوابين عربية وساحيق لبنانية فرنسية وجزم صينية وفانلات داخلية سورية وتركية حتى رأيت برتقال نفرتيني المصرية بالكراتين . ولم نرى سوقا واحدا أو معرضا للمنتوجات المحلية إلا الأصواف والجلود والألبان ومشتقاته عارية ومعرضة لأي تلوث بيئي . والفواكه المحلية والخضروات وملابس تقليدية قديمة يأخذها الأجانب من الزوار .
حاضر التركستان الشرقية الدامية
وأما الحالة الحاضرة في التركستان الشرقية تختلف اختلافا كبيرا لا بالكم بل بالكيف سلبا وإيجابا أولا أن التعليم والتربية أوسع بحالا بالنسبة للجمهوريات الخمس الإسلامية غير أن الصين الشعبية تخلق العراقيل والأعذار بالنسبة للطالب أو الطالبة من المواطنين . ولعل أن البيئة كانت أكثر ميلا للعلم والمعرفة عن شقيقاتها في الاتحاد السوفيتي السابق نرى الرفاق من المثقفين والمثقفات بجانب الثقافة العامة المنتشرة بين فئات الشعب شيبا وشبانا بينما الشاب الأزبكي لا يعرف شيئا عن العالم الخارجي نسمع من أبناء تركستان الشرقية مجريات العالم أولا بأول . . كأنه يعيش في برلين أو نيويورك أو القاهرة ويسمى وحدة ويتكلمون عن أحوال بلدهم بالأثر الرجعي ويعطيك معلومات اضافية عن تاريخ آبائهم وماضي ديارهم وعن الحالة التي عاشوا عليها . وإذا تكلمت عن أي بقعة في العلم تجده واعيا ومدركا بأصول تلكم الديار النائية عنه . وقد تكلمت مع بعض الحجاج العائدين وكأني استرحت إليه أو صادف إن تكلمت عن بعض الوقائع العلمية من الفلسفة الاجتماعية فإذا الرجل أعلم مني في هذا الموضوع وكأنه درسه والذي عندي مجرد إلهام بسيط .
النهضة الثانية
ولقد ألف المثقفون والدارسون من الشباب والشابات وبعضهم كانوا من رجال العلم قبل سنة 1949 م ألفوا أكثر من ألف وخمسمائة كتاب وأصدروا مجلات علمية وأدبية ومن هذه المؤلفات ما هو في الدين والعقيدة في التفسير والسيرة وقد تفضل مقام رابطة العالم الإسلامي بالسعي والجهد لدى الجهات المختصة في إعادة طبع ترجمة معاني القران الكريم للأخ الفاضل محمد صالح مدير المعهد الإسلامي في مدينة أورومجي وقد تبين إن طبع التفسير أقصد ترجمة القران في بكين للمرة الأولى سنة 1986 م بمائة ألف نسخة والآن قد طبعها مجمع الملك فهد لطباعة القران الكريم منها خمسمائة ألف نسخة بالترجمة الأويغورية والترجمة من إنتاج الوقت الحاضر . وهناك كتب في تاريخ والأدب والطب واللغة بجانب إخراج أنباء هذه الأمة في تركستان الشرقية الكتابين القيمين ( قوتاتغو بيليك ) و ( ديوان لغات الترك ) بالترجمة الأويغورية ولأول مرة منذ أكثر من ألف عام حيث أنهما من مؤلفات القرن الحادي عشر من الميلاد وكتاب ( جواهر البخاري ) للإما القسطلاني ترجمة إلى اللغة الأيغورية الأستاذ الفاضل محمد صالح أيضا ، وصدر الكتاب بخطبة بليغة باللغة العربية ثم وضع ترجمة الإمام البخاري ثم ترجمة الإمام القسطلاني بالإشارة إلى الآيات القرآنية بالأرقام المعتادة . وكذلك كتاب ( نور اليقين ) للشيخ مجمد الخضري وفي الأدب القديم ( كليلة ودمنة ) وكتابي ( بوستان ) و ( كلستان ) للأديب الفارسي شيخ مصلح الدين الشيرازي المتوفى سنة . . . ؟ م ومئات الكتب في الأدب القديم والجديد لمشاهير أساطين الأدب والبيان في آسيا الوسطى ومن الفلسفة والموسيقا من كتاب الفارابي والسكاكي وكتاب ( رجال منسيون ) في التراجم وعشرات الكتب والنشرات في تاريخ تركستان ولو أنها تحتاج للدراسة والتمحيض وكتب النقد الذاتي مثل كتاب ( عقرب من المحراب ) و ( السبع عشر من رمضان ) لمؤلف جرجي زيدان و ( تاريخ أمنية ) و ( تاريخ حميدية ) لملا موسى سايرامي من الكتب القديمة في تاريخ تركستان الشرقية و ( ستوق بوغراخان ) وملحمات تاريخية ( وأثر لن يزول ) في الملاحم أيضا . هذا من حيث الثقفة والعلم والأدب وأما بالنسبة للدين والعقيدة نرى شعب تركستان يعض دينه وعقيدته بالنواجذ مواظبين لصلواتهم الخمس متمسكين بأصول الشريعة ولا سيما في الأحوال الشخصية حتى قسمة الميراث مخالفة للقوانين المرئية في البلاد .ومواضبتهم لصلاة الجمعة والجماعة وعدم تعاطيهم ماحرم من الأغذية وان اكثرهم لايشربون البيبسي ومشتقاته ومعلبات من الأطعمة والترابيط الاسري مرعية ومهابة ومحترمة وإن كثيرا من مشايخنا يميلون إلى تحكيم السنن بدلا من الفقه وبرغم الصعوبات وقلة المال فيهم يزداد عدد الحجاج بتركستان الشرقية بعد أخرى حتى أن هذه السنة أقصد الحج المنصرم سنة 1413 هـ يربو عدد حجاجنا عن أربعة آلاف حاج وحاجة من مختلف الأعمار بالمقارنة عن عدد الحجاج من جمهورية آسيا الوسطى حيث لم يبلغ عدد كل حجاجها عن ثلاثة آلاف حاج وحاجة برغم التساهيل المبذولة لهم هنا وهناك . فبينما عدد الحجاج الرسميين من تركستان الشرقية لا يزيد عن أربعمائة شخص وأن أكثر من ستة أضعاف هذا العدد الرسمي أتوا إلى الحج عبر سيبيريا وموسكو وتركيا والجمهوريات الخمس الإسلامية وإن جذوة الدين والعقيدة والقومية المتحررة آخذة فيهم كل مأخذ وهذه من جوانب الإيجاب فيهم وأما الجانب السلبي في حياتهم اليومية يأتي من زبانية الصين الشعبية بأنهم محرومون من الحقوق السياسية والعسكرية والتعليمية والعمل الحر . إلا بشروط التعجيز والتصريف وأنهم محرومون أيضا من حقوق سلامة البيئة حتميا حيث ما زالت الصين الشعبية ماضية في تجاربها النووية على أرض وشعب تركستان العزل فتسممت المحصولات الزراعية والحيوانات اللاحمة والفواكه وظهرت في المجتمع مختلف الأمراض غير موجودة في أسلافهم من تشوهات خلقية في المواليد وإجهاض قهري بدون أسباب وتقلبات الرحم والنزيف الداخلي في الشابات من النساء حيث أن الصين الشعبية عندما بدأت في تجاربها النووية في الستينات فجرت حتى الآن ثلاثة وثلاثين تفجيرا نوويا ذات قوة ألف وخمسمائة طن وقد أجرى من هذه التجارب اثنتا عشرة تفجيرا تحت الأرض وواحد وعشرون تفجيرا فوق الأرض وآخر تفجير لها سنة 1991 م في شهر أيلول راح ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف ضحية ما بين فقد الحياة والتشوهات وبتر الأعضاء والشلل النصفي وفقر الدم وزوغان الدماغ وهلوسة هستيرية وقيل أن الصين الشعبية تبطحت آلافا من السجناء الأتراك في أرض رملية قريبة من مكان التفجير لمعرفة ما يصيبهم من أمراض وآفات وكيفية مدى تحمل الإنسان لقدر معين من الإشعاع الذري حال وقوع الانفجار .
ثم هناك إجهاض قهري للفتيات حسب سياسة الولد الواحد للأسرة الواحدة وأن أكثر من سبعين مستشفى في عموم تركستان تجهض يوميا أكثر من أربعة آلاف امرأة مهما تكون حالتها الصحية والنفسية يسحبونها من بين أهلها ومن بين يدي زوجها وأمام أطفالها قهرا ، وللصين أساليب شتى في الإجهاض القهري تهذي لها جنين الإنسانية وهن اخوة لنا ولكم يا اخوة الإيمان (30) .
أن شبابنا وشاباتنا يتسكعون في الطرقات وعلى قارعة الشوارع العامة والخاصة من جراء حرمانها من حقوقها التعليمية وحقوق العمل وحقوق التعبير من المطالبة بها بينما أبناء المهاجرين الصينيين يملئون المدارس والمعاهد والكليات ومعاهد المهن الحرة وعلى أي مستوى كان في التعليم ، ومنذ عشرة سنوات من هذا التاريخ بدأ الشباب والشابات منا ببيع دمائهم على المستشفيات بحفنة من الدراهم ربما يسعى رمقة ليوم واحد .
ومنذ سنة 1979 م وزعت الصين الشعبية الأراضي الزراعية فدانا واحدا لكل أسرة على أن يدفع للدولة مبلغ ثلاثة وثلاثين ينا في السنة ولكن هذه الضرائب تضاعفت ونمت إلى مائة وخمسين ينا في الوقت الحاضر وغلة السنة لا يزيد عن خمسة وسبعين ينا فبدأ الأهالي يردون الأرض إلى الكميونات ولكن الأخيرة تشترط عليه أن تخلى سكن الأسرة غرفة أو غرفتين من اللبن لأنها تابعة للأرض أصلا ولا يمكنه أن يجد مسكنا غيره فيضطر أن يبيع أي شيء في البيت ليسد الضريبة أو الإتاوات السنوية .
وقد أعلنت الصين حرية التجارة منذ عشر سنوات بشرط أن يدفع الضرائب حسب التعليمات وقد زادت قيمة الضرائب الشهرية و تنامت إلى أكثر من خمسة وثلاثين في المائة من قيمة البيع فتقلصت أرباح التجارة أو انعدمت وأما الفكاك من دفتر أو قيد الضرائب من سابع المشكلات المعقدة .
فهناك مستشفيات حكومية ، ومستشفيات شبه أهلية ، بالأولى الأدوية الكمياوية الحديثة وبالثانية مستحضرات الأعشاب المحلية وفي كليهما العلاج والفحص الطبي خاضع لقيمة يدفعها المريض مقدما أو يضمنه ضمان ومن لم يكن عنده نقد من مال عيني أو سلعة لا يلتفت إليه ولا يناله حبة خردل من الدواء ولو مات تحت أقدام الأطباء ولا عزة ولا كرامة للإنسان التركي المسلم بخلاف مستوطنين الصينيين ولهم طرق شتى للخلاص من هذا الذل والإهانة لأجله لكرامة الإنسان الصيني .
الأحوال الشخصية إذا عرضت للدوائر الحكومية المختصة لا ذمة ولا حقوق ولا عدة ولا مهر ولا مأذون ولا قسمة في الميراث كما تطلبه الشرع الشريف ولا برائة في الرحم ولا سوءال عن النسب لا شاهدة ولا مشهود لا يسأل عن ولي لامرأة ولا تعتبر تلك الدوائر الظالمة . العقيدة والديانة في حياة الكائن البشري شيئا ذي وزن .
ولله الحمد والمنة أمتنا المسلمة في تركستان الشرقية ملتزمة بقدر الإمكان صابرة على البلاء والمحدثات من الرذائل آملة من الله حسن الخاتمة . اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة . وإن يوما لناظره لقريب .
التهجير الصيني
أكثر ما بقلق تركستان الشرقية التهجير الصيني المنظم والمبنى على أسس جغرافية وهي أن في حوزة الصين الآن ما مساحته عشرة ملايين كيلو مترا من الأراضي بما فيها التركستان وهضبة تبت ومنغوليا الداخلية ومنشوريا وتشكل مساحة تركستان الشرقية خمس المساحة الإجمالية لما في حوزة الصين فخططوا الإسكان والتهجير ومهندسو الايدلوجيات العرقية بالتعاون مع وزارة الإسكان وإصلاح الأراضي البور وتجديد أماكن المعادن يرون تهجير مائتي مليون صيني إلى تركستان الشرقية لكي تستوعب تركستان خمس سكان الصين حسب المعادلة الحسابية البسيطة (31) وقد زار تركستان أكثر من خبير بيئي لدراسة أبعاد مخطط الإجرامي البغيض وعلى رأس هذا المخطط الجنرال المخضرم والحاكم العام السبق للمنطقة الذي جمع على يديه الشؤون الإدارية والعسكرية والسلطة التنفيذية المطلقة . وان إن ماو . مثله في تركستان الشرقية الآلاف مثل ( دنج كشاو بنج ) . وفي يد أولاده وبناته إدارة الاستخبارات المحلية المرتبطة بالاستخبارات المركزية في بكين . وليس رؤساء الحكومة المحلية أمثال إسماعيل أحمد وتيمور دوامت إلا ألاعيب ودمى متحركة ولو أن إسماعيل أحمد يتميز عن تيمور دوامت من حيث انتمائه للوطن (32) وقد أعلنت الصين الشعبية أن منطقة ( شنجانغ ) أصبحت آفتونومية أي ذاتية الحكم تحت اسم شنجانغ الأويغورية ذاتية الحكم سنة 1955 م إلا أن الألعوبة الماكرة قد انكشف زيفها ولا تملك من مقومات الحكم الذاتي حبة خردل .
سياسة امتصاص خيرات تركستان
تركستان التي كانت في الذروة في الزراعة والمعادن تفتقر أهلها لكسرة الجبن وحفنة من اليوون ليعصف نعله . وأما الزراعة فحدث ولا حرج وإن خمسة وثلاثين في المائة من الحبوب التي تحتاجها الصين تنتجه التركستان وأما المعادن حسب إحصاءات سنة 1964 م كما يلي : احتياطي النفط 160 مليون طن كما يوجد يورانيوم في خمس مناطق والذهب في خمسين منطقة والحديد في 46 منطقة والفحم قي 70 منطقة والقصدير في 12 منطقة والزئبق في 6 مناطق وكل هذه الخيرات تمتصها وتذهب بها إلى داخل الصين وبالرغم من ذلك تجري تفجيرات نووية أراضي تركستان وفي تفجيرها النووي في شهر مايو العام الماضي بلغت قوته مائة ألف طن ونتيجة ذلك مات أكثر من ثمانمائة مسلم تركستاني وقد توفى سنة 1987 م في شهر فبراير ومارس ضعف هذا العدد وتمانع الصين توقيع أس معاهدة دولية لوقف التجارب النووية بأعذار واهية حتى الآن (33) .
تمنع الصين التعليم الديني لأبناء تركستان
عندما أعلنت الصين الشعبية سنة 1979 م الانفتاح إلى العالم الخارجي وفتح الحدود بينها وإليها لم يكن هذا الأمر إلا مخطط مدروس وذلك لحاجة الصين الماسة للقروض الدولية وصندوق النقد الدولي لتحديث الجيش وانعاش الاقتصاد العالم المنهار ولبعض مشاريعها المستقبلية عندها قبلت الصين إعلان الانفتاح إلى العالم الخارجي ولم يشمل الأسر المشتتة وفتح الحدود وحرية التجارة وتوزيع الأراضي للمزارعين بإيجار رمزي والسماح لمن تجاوز الثامنة عشر من عمره بنين وبنات من تعلم الدين وبعد اثنتا عشر عاما أبدت تحفظها حيال قراراتها السابقة فمنعت التعليم الديني لأي عمر كان وتحت أي ظروف وقفلت المساجد والزوايا والكهوف التي تدرس فيها الدين ويرتادها حفظة القران واعتبار مخالفي هذه الأوامر مجرمين في حق النظام الماركسي ووحدة الصف للصين ويعاقب عليه القانون بالحبس والغرامة وقد زج في السجون عشرات من العلماء وألوفا من الطلبة في الوقت الحاضر (34) .
--------------------------------------------------------------------------------
الهوامش :
(1) من كتاب (شرقي تركستان تاريخى) ، صفحة رقم 21 طبعة كشمير لمؤلفه العلامة القطب المجاهد محمد أمين بوغرا المتوفى سنة 1965 م في أنقرة وطبع الكتاب للمرة الثانية في أنقرة 1986 م في 652 صفحة مزودا بالرسوم والخرائط .
(2) ديوان لغات الترك ، ألفه العلامة اللغوي الضليع محمود حسين الكاشغري في مدينة كاشغر ثم أتى به إلى بغداد في عهد مقتدى بالله العباسي ونقحه وأعاد نسخة ثم قدمه لمقتدى بالله سنة 1074 م فهو من رجال القرن الحادي عشر سبق الفيروز آبادي بثلاثة قرون وكان تأليفه هذا لمفردات اللغة التركية مترجمة باللغة العربية لأجل التقارب بين العرب والأتراك المماليك فيما بعد وللكتاب نسخ عدة في كل من تركيا وبرلين والقاهرة لم يزل مخطوطا حتى النصف الأخير من القرن الحالي حيث أخرجته نخبة من أدباء تركستان الشرقية في عاصمتها اورمجى سنة 1980 في ثلاث مجلدات فى حوالي ألفين صفحة من الحجم المتوسط وطبعته طبعة أنيقة ولكن مع الأسف ترجموها إلى اللغة التركستانية الدارجة الآن بالاحتفاظ لفظا وكتابة على المتن أي المفردات. وفي الكتاب حكم وأمثال وأدب وتاريخ وجغرافية تضمنها المؤلف حسب ورود المفردات وأطنب فى تفصيل ذلك ونحن عازمون بإذن الله إخراج الكتاب حسب الشكل الأصلي كما ألفه المؤلف مصداق قصده ومراميه.
(3) المصدر السابق ، لمحمد أمين بوغرا في كتابه (شرق تركستان تاريخى) طبعة أنقرة
(4) نفس المصدر السابق .
(5) راجع مقدمة كتاب الأعلام لبعض رجالات تركستان ، للمؤلف في باب الخصائص النظرية ( الكتاب تحت الطبع )
(6) المصدر السابق ، لمحمد أمين بوغرا وكتاب الإعلام للمؤلف .
(7) المصدر السابق ، لمحمد أمين بوغرا .
(

نفس المصدر السابق ( شرق تركستان تاريخى ) باب التعدين والأثار القديمة
(9) كقول امرؤ القيس قفا نبك من ذكى حبيب ومنزل
وكقول الصحابي الجليل بلال بن رباح
أيا ليت شعري هل أبيتن ليلة بواد وحولي إذ خر وجليل
وهل أردت يوما مياه مجنة وهل يعبدن لي ساعة وطفيل
(10) وهي ياغما قارلوق مانغوت يوروق جنكل باسميل توخس جاروت جومول توركش يافقو اسبانب ساكا آوار يفتل توبا اركن تون الانقو سفداف كدنجك تونكوش تيلي تفجاف آرغو جيبل دولان آيفر تانغوت تركان جمغن … المحاضر .
(11) سيرة ابن هشام ، طبعة دار الكتب صفحة رقم 103 .
(12) مقدمة كتاب الإعلام للمحاضر في باب تعريف المدن والوقوف على أسمائها .
(13) وإذا قلنا في الشرق والغرب نعني أويغور الشرق وكانت منازلهم تمتد إلى سواحل المحيط الهادي بما فيها منطقة منجوريا ( منشوريا ) ومرتفعات سيبيريا الشرق ونعني بكلمة الغرب الأقوام الأويغورية الترك في منغوليا ومنطقة آلتاي وجونجار وسهول آسيا الوسطى ووادى تاريم إلى صحراء جوبي التي تفصل بيننا وبين سهول الصين ( المؤلف ) .
(14) من كتاب الموجز في تاريخ الهون ، لمؤلفه توغون ألماس ترجمة المحاضر إلى العربية لم يطبع بعد .
(15 ) ( شرقىتركستان تاريخى) لمؤلفه محمد أمين بوغرا طبعة كشمير صفحة 42 .
(16) الموجز في تاريخ الهون ، لمؤلفه تورغون الماس .. ترجمة المحاضر إلى العربية .
(17) الساسانيون سلالة فارسية أسست دولتهم فيما بين 226 ـ 651 وقد اتحدت مع دولة الأويغور الترك بقيادة آفراسياف ومن ملوك السلالة الفرس شابور الأول وقبله أردشير مؤسس الدولة وشابور الثاني وكسرى انوشروان وكان آفراسياف في إقليم خراسان ( منجد الأعلام بتصرف )
(18) الموجز في تاريخ الهون ، لمؤلفه تورغون الماس وللمحاضر ترجمة عربية تحت الطبع .
(19) ديوان لغات الترك، لمحمود الكاشغري المتوفى 1079م مادة أغوز المجلد الأول
(20) راجع أوغوزنامة ، لمؤلف مجهول من إصدارات دار الشباب في أورومجى .
(21) (شرقىتركستان تاريخى) ، لمحمد أمين بوغرا
(22 ) الموجز في تاريخ الهون ، لتورغون الماس ترجمة المحاضر إلى العربية .
(23) وللفارابي كتاب القيم المدينة الفاضلة ألفه على غرار جمهورية أفلاطون ضمنه علوما كثيرة وقد نال الحظوة لدى بلاط الحمداني بتواضعه الجم حيث عمل بستانيا في إحدى جنانه الوارفة ثم حضر مجلس الحمداني على خمول جلسائه وقد أصابهم الملل فاطرب واضحك فاطرب أبكى واطرب وسلمهم إلى النوم وخرج إلى عمله فاستدعاه الحمداني وعرف قيمته علمه فاعلا منزلته واتخذه نديما وهو من مواليد فاراب إحدى قرى قازاقستان وقد تكلمت في علمه وصفاته في تليفزيون قازاقستان بتكليف منها ( المحاضر )
(24) نظرة موجزة لإسهام التركستان الشرقية في التاريخ الإسلامي بحث قيم وثمين بقلم الدكتور محمد علي البار لم يطبع بعد .
(25) راجع كتاب مصر والشام في عصر الأيوبيين والمماليك للدكتور سعيد عبد الفتاح عاشق .
(26) التتار والمغول والترك كلمات مترادفة يقصد بها المؤرخون أتراك الشرق من المحيط الهادي إلى بحر إيجة وإلى مينا المستوطنون الأتراك منهم أتراك البانية ويوغوسلافية ومسلمي بوسنة وهرسك ..
(27) راجع جنكيز نامة لمؤلفه ملا مير صالح كاشغري ترجمة المحاضر إلى العربية تحت الطبع .
(28) من تسجيلات زميلنا الصديق الأديب بكر نظام الدين مخدوم المتوفى سنة 1411 هـ بمكة المكرمة .
(29) تركستان ضحية الشيوعية الأولى في التريخ ، عنوان المقال لنا نشرة جريدة عكاظ سنة 1383 ه ـ
(30) راجع مقالة المحاضر في جريدة البلاد العدد رقم 10580 وتاريخ 5 / 1 / 1414 هـ وبعدها العدد برقم 10582 وتاريخ 7 / 1 / 1414 هـ تحت عنوان ( قانون الإجهاض البريطاني والإسلام )
(31) راجع كتاب التهجير الصيني إلى تركستان الشرقية لمؤلفه الأخ رحمة الله أحمد رحمتي .
(32) طالب إسماعيل أحمد حاكم تركستان الشرقية بقسم من قيمة مواردها الطبيعية مثل البترول ومشتقاته والخشب والجلود والفراء والفحم الحجري والحديد والنحاس والفروم ورصاص والأحجار الكريمة والحبوب وفواكه مجففة غير أن حكومة الصين المركزية رفضت هذا الطلب وأبرزت سجل مديونيات المنطقة بمئات الملايين تدعى الصين أنها صرفتها لشؤون تركستان الشرقية .
(33) راجع مقالة نشرت جريدة عكاظ عدد 9816 بتاريخ 28 ذو الحجة سنة 1413 هـ تحت عنوان ( مخطط صيني واسع لمحو الوجود الإسلامي في تركستان )
(34) راجع مقال موفد ( المسلمون ) في العددين الأخيرين تحت عنوان ( رحلة خلف السور الحديدي وفلسطين الصينية ) للموفد نفسه الأستاذ رأفت يحي