سمرقند جوهرة ما وراء النهر

سمرقند جوهرة ما وراء النهر

" أولوغ بيك " واحد من أعظم أمراء التتار المسلمين ، ولكن وبكل أسف فإن اسمه عند العرب قد اندثر مع تعاقب السنين والأيام وبعد المسافات .

من هو " أولوغ بيك " ؟
إنه حفيد تيمورلنك . الذي منحه والده حكم مدينة سمرقند وهو فتى في الخامسة عشرة من العمر ، وانتقل والده " شاهروخ " إلى مدينة هرات .
مدينة سمرقند هي أهم مدينة في القرون الوسطى فيما أطلق عليه وعلى ما حولها من المدن اسم " بلاد ما وراء النهر " ( المقصود نهر جيحون ، وباليونانية : " ياكرانيس " ) .
لكن المدينة تقع على نهر " زارافشان " الذي ينحدر من السفوح الشمالية لجبال بامير ، وسهوبها خصبة كثيرة المياه .
وعندما دخلها جيش الإسكندر الأكبر 328 قبل الميلاد كان اسمها ميرقندة لكن اسم المدينة تبدل فيما بعد إلى " افراسياب " ، حتى عام 1220 عندما هاجمتها جحافل المغول أحرق جنكيز خان ودمّر كل ما كان في المدينة حسبما تذكر المصادر التاريخية .
لكن أحد أحفاده [ من جهة الأم ] وهو تيمورلنك في نهاية القرن الرابع عشر أعاد إليها الروح والحياة وجعلها عاصمة لملكه .
وخاض تيمور حروبا عديدة أخضع فيها إيران والهند ومناطق شاسعة من آسيا وكان يردد دائما 'الله واحد في السماء ، وملك أوحد في الأرض " .
وقام ببعث نهضة عمرانية هائلة في عاصمته . فأحاط المدينة بسور وبنى له قصرا ( " كوك ساراي " ومعناه : القصر الأزرق ) .
ومعظم المباني التاريخية التي يشاهدها السياح اليوم بناها تيمور وابنه شاهروخ وحفيده أولوغبك فقد بَنَوا المدارس والمساجد والأبراج واستخدموا كل أساليب البناء والزخارف والكتابات القرآنية .
توفي تيمور وهو في طريقه لمحاربة الصين في عام 1405 ونقل جثمانه إلى سمرقند ليدفن في المقبرة التي أمر ببنائها لحفيده ( محمد سلطان ومات ذلك الحفيد قبل سنوات ) واسمها اليوم "غورأمير " ، ولقد دفن معظم الأمراء والأميرات التيموريين في المقبرة نفسها .
ولكن " أولوغ بيك " كان أشهرهم وكان محبًا للثقافة والفنون والعلوم والعمران ، وأتى بالعلماء من كل حدب وصوب .
وكان هو نفسه عالماً فلكياً ومدرساً للرياضيات .
وبنى مرصداً فلكياً مازال يحمل اسمه وكان مُولَعاً بالموسيقى والرقص والغناء .
بنى أولوغبيك مدرسة عليا للطلاب يدرسون فيها كافة العلوم .
واستطاع المنقبون الروس برئاسة العالم فياتكني في عام 1908 الاهتداء إلى موقع المرصد باستخدام الوثائق التاريخية واكتشفوا ما تبقى منه وقاموا بعملية ترميمية بعد عام 1920 وقد بني إلى جانبه متحفاً يحوي كتب الفلك النادرة .
كان أحد أبواب سور سمرقند يطلق عليه باب الصين وهو تخليد لتجارة الحرير التي ترد من الصين باتجاه الغرب وأوروبا .. وهو ما جعل المدينة تنتعش تجاريا عندما تردها القوافل تبيع وتشتري .
وكانت المدينة تنقسم إلى ثلاثة أقسام ؛ القلعة - كهند - والمدينة السكنية مشهدستان والربض حيث الأسواق التجارية .
ومن أهم صناعاتها الورق حيث تم استيراد تلك التكنولوجيا من الصين .
افتتح العرب سمرقند في وقت مبكر 87 هجرية 712 ميلادية على يد قتيبة بن مسلم .
أعطى الخليفة العباسي المأمون حكم ما وراء الفلك في عام 204 هجرية لأسد بن ساحان ، حيث حكمت الأسرة لفترة طويلة من الوقت . وشهدت المدينة خلال حكم الأسرة السابق الهدوء والاستقرار ورواج التجارة وازدهار الزراعة .
المسجد الكبير في قلب سمرقند اسمه ' بيبي خانم ' وقد بناه تيمور تخليدا لانتصاراته في الهند وحملوا إليه مواد البناء من جميع الأنحاء وترتفع مآذن المسجد خمسين مترا ومزينة بالموازاييك .
وبيبي خانم هي زوجته السابقة والأثيرة لديه وسمي المسجد باسمها .
وقد كتب الشاعر الأوزبكي غفور غلام وهو من شعراء عهد الاحتلال الروسي وعليه ملاحظات كثيرة حيث تنسب إليه أشعار شيوعية تستهزئ بالدين وعلماء الإسلام :

يا سمرقند أنت جو
يا أسطورة من الماضي
فيك جمال الحمامة
فيك السمو على الدوام