سياسة التهويد الاسرائيلي في الجولان السوري المحتل لم تقتصر على الاستيطان والممارسات الوحشية بحق سكان الجولان والقتل والتدمير وتهجير السكان والاستيلاء على الأراضي, بل تجاوزتها للعبث بالتاريخ ومحاولات تزويره من منطلقات سياسية وعنصرية مغلوطة كما حصل بالحق التاريخي المزعوم لليهود في أرض فلسطين العربية استنادا إلى ماورد في التوراة وهذا ماجعل المدرسة التوراتية تسيطر على البحث الأثري في فلسطين والجولان ولتكريس احتلال الجولان من قبل إسرائيل عمدت الصهيونية لحشد دعمها في التنقيب عن الآثار في الجولان ونهبها وتزويرها للادعاء فيما بعد بوجود استيطان مكثف في الجولان, يعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد ,إضافة لطمس الحقائق وماكانت تكشفه من آثار تؤكد عروبة الجولان وعراقته ,ومن أجل ذلك قامت جامعات العدو الصهيوني ومنها جامعة تل أبيب خاصة وبإشراف خبراء من العلماء الأمريكيين (كونتشافي) بأعمال التنقيب الأثري في الجولان هو بلاد شان.
وبعد الاحتلال الاسرائيلي للجولان عام 1967 بثلاثة أيام بدأ بتنقيب غير شرعي في أراضي الجولان وأعلنت وسائل إعلامه أنه باشر بالكشف عن الكنوز الأثرية في بانياس والحمة وفيق ورجم فيق والعال وخسفين والجربنة وغيرها من المواقع والتلول الأثرية وبعد أقل من عام نشرت الصحف والمجلات العالمية ومنها جريدة (الفيغارو الباريسية) عن القطع والكنوز الأثرية المهداة من سلطات الاحتلال إلى روتشيلد وروكفلر وغيرهم ممن يساند إسرائيل في عدوانها ,كما تحدثت عن المجموعات الأثرية القديمة المعروضة في بيوت دايان ويادين وغيرهم من متنفذي جيش الاحتلال الاسرائيلي كما قامت قوات الاحتلال بتدمير الكثير من المواقع الأثرية ومثال ذلك ما حدث في قريتي (بيدروس) وقرية دير الراهب.
إضافة لسرقة ايلي شارون لآثار في منطقة بانياس والاثار القليلة التي تمت لليهود في الجولان وهي ذات طابع ديني , وتؤكد عروبة الجولان وعراقته. لكن اسرائيل تعمل على طمس الحقائق وتزييفها وهذا ما فعلته أثناء التنقيب في قلعة بانياس وآثارها التي تدل على عراقتها ووقوفها في وجه الطامعين.
ويبالغ الاسرائيليون أيضا في تفسير العديد من البقايا المعمارية المكتشفة فكلما كشفوا عن بناء مستطيل الشكل قالوا عنه مدرسة (بيت مدارس) يهودي من دون أن يستندوا إلى حقائق أثرية علمية وهذا ماحدث في مواقع (خربة الدالية والدوارة - دير العزيزات).
مساعي إسرائيل إلى عملية تكييف التاريخ وتفسير تهويد الجولان وتاريخه لاستخلاص نتائج فرضية لا تقوم على أساس من الصحة لن تستطيع أن تغير الواقع والتاريخ الصحيح وهو أن الجولان جزء من منطقة الشرق العربي التي هي مهد الحضارات عبر التاريخ فقدتأسست في الجولان مدن وحضارات انصهرت في بوتقة تاريخ المنطقة (الآراميين والكنعانيين) وممالك عديدة (مملكة جيشور - مملكة دمشق ..) وكان بعض المؤرخين قد جعلوا من بعض الدول الآرامية (صوببة ومملكة جوي) جعلوا منها ممالك لأنهم استندوا في ذلك على النص التوراتي والذي غايته أن يجعل »داود) ملكا عظيما دانت لسلطته كل المناطق بين دمشق والفرات ,وانتصر على ممالك صوبة وحلفائه وهذا مالم تؤيده النصوص الآرامية والآشورية أو تدعم حقيقته التقنيات الاثرية بأية بينة. فمملكة داود التي جعل منها محررو التوراة امبراطورية كبيرة تمتد من الفرات إلى البحر المتوسط عبر مناطق وسط وجنوبي سورية لم تكن في الحقيقة أكثر من مشيخة قبلية متواضعة, وتلك الممالك لم تكن أكثر من مشيخات قبلية حرّف حقيقتها محررو التوراة بعد أن التقطوا أخبارا متواترة عن مشيخات آرامية قريبة إليهم زمنيا وجعلوا منها شعوبا وممالك قوية .
والدراسات ونتائج التنقيبات الأ ثرية في الجولان تثبت أن بني اسرائيل ليس لهم وجود مادي لا في زمن التكوين ولا في زمن الخروج ولا في زمن الملك داود, ولم تظهر آثار تؤكد كتابات الكاهن المؤرخ اليهودي "يوسيفوس" حول الوجود اليهودي في الجولان ,فكل ما تقدمه الصهيونية من التاريخ المزيف ليس إلا مسوغ لعدوانها واحتلال أراضي غيرها بالقوة ولا يقوم على أي أساس علمي أو تاريخي موثق وإنما هذا دينهم في اغتصاب حقوق الآخرين واحتلال أراضيهم
المصدر: الثورة