أطفال عطلة الصيف..كأنهم عصافير فرت من أقفاصها..
وضع الأطفال ضمن مناخات تربوية إيجابية مع استثمار الوقت بشكل منتج هي من أهم آليات صناعة جيل سليم, وخاصة أن هناك نسبة كبيرة من الأطفال, ما إن تبدأ العطلة الصيفية حتى ينطلقوا إلى الأزقة والشوارع وكأنهم عصافير فرت من أقفاصها.
ومع أن العطلة أصبحت في منتصفها والحديث عن كيفية قضائها يبدو متأخراً.
إلا أن هذه المسألة ترتبط بأكثر من متغير اجتماعي وتربوي وليست مرهونة بأن يمتلك الطفل الوقت كله أو نصفه, فهناك الكثير من الأسر تفتح أبواب منازلها وتدفع بأولادها إلى الشوارع للتخلص من ضجيجهم أو أنها تتركهم لساعات طوال أمام محطات التلفاز حتى أثناء السنة الدراسية.
هذا الموضوع ناقشته ندوة (آباء وأبناء والعطلة الصيفية), حيث انطلقت الدكتورة أسمهان جعفر من سؤال مهم هو: لماذا يشعر الأطفال بالحرية خارج جدران المدرسة? والإجابة تضمنت أسباباً عدة بعضها يتعلق بالمعلمين, وبعضها يتعلق بالمدارس ذاتها, والبعض الآخر يتعلق بخط التعليم ومناهج الدراسة, أما المشكلة الأهم: أن أحداً لم يكلف نفسه عناء استقصاء رغبة الأطفال للتعرف على حاجاتهم سواء في المدرسة أو في الأسرة.. فمعظم الأسر مشغولة بأمور أخرى أو هي لا تدرك أهمية الاقتراب من الأطفال والتعرف على مشاعرهم.
هذا وقد وضعت المحاضرة جملة من المقترحات الشاملة لأنشطة تتناسب مع مستوى تفكير الطفل ودرجة نضجه يندرج تحت مظلتها أولاً الأنشطة الثقافية وما تحمله من مسابقات في الكتابة والبحث العلمي ودورات علمية في الكمبيوتر واللغة والانترنت ومن اهتمام بالمطالعة والتحفيز على المواهب الفنية, وثانياً الأنشطة الاجتماعية والتي من أهم جوانبها ترسيخ الروابط والعلاقات الاجتماعية بين الطلبة, وترسيخ فكرة العمل التطوعي والاهتمام بالبيئة, وثالثاً الأنشطة الترفيهية من زيارات ورحلات ومخيمات, وبالطبع كل ذلك يحتاج لوجود لجان مختصة تتولى قيادة هذه الأنشطة وتتعاون مع الأسر ومع الجهات والمؤسسات المعنية حسب نوع النشاط.
وهناك جانب مهم ناقشته الأستاذة جعفر وهو وجود أعداد كبيرة من الأطفال في سوق العمل وبالطبع الظاهرة موجودة طوال السنة إلا أنها مكثفة خلال الفترة الصيفية, فالسوق مليء بنماذج سيئة, وله سلوكيات ونمط ثقافي لا ينسجم مع الثقافة ويحرف الجانب التربوي ويعلم الأطفال مزيداً من الشتائم وأساليب الاحتيال والغش والسرقة مضافاً إلى ذلك المخاطر التي تتعلق بالجانب الصحي والنمو الجسدي الطبيعي للطفل.
عليه فقد وضعت جملة من المقترحات والحلول من أهمها الاهتمام بمناهج التعليم, وإعادة صياغة كاملة للعلاقة بين الطفل والمدرسة أي بين المعلمين والمناهج والخدمات, فمتى توفرت في مدرسته صالة ألعاب وقاعة لعرض الأفلام التعليمية والتثقيفية استطعنا أن نوجد أواصر جديدة لشد الأطفال إلى المدرسة.
ما الذي يحتاجه الأبناء من الآباء? والإجابة ليست بعيدة, فكل ما يحتاجونه اللطف في التعامل والحب والشعور بالأمان والثقة وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم وتأهيلهم بما يمكنهم من أداء جميع الأدوار التي تتطلبها حياتنا المعاصرة.