المجلس البرلماني.... وتصرفه اللانساني
مجلس النواب يفترض أن يكون صوت وضمير الشعب ولسانه المعبر عن حقيقة آماله وتطلعاته وان يكون حامل ألوية الإصلاح وراية التنوير وان يستمد تفسيره لفلسفة القانون بان تكون قراراته تعبيرا واضحا عن إرادة الشعب الذي انتخبه ويعمل وفق مصالحه العليا فالقانون ليس أداة لعقد الصفقات وليس أمرا خاضعا لها يفسر ويغير وفقا لهذه الصفقات.
ومن المؤسف أن يكون النواب العراقيين هم ثمرة تلقيح مباشر بين قوات الاحتلال والأحزاب الهجينة التي توافدت على العراق, كما أنهم نتيجة حتمية للفوضى السياسية التي ولدها الغزو في زمن الخيبة والفشل والانكسار والنكسة فأفرزت سلطة تشريعية لا تفقه القانون ولا التشريعات وليس لها علاقة بالوطن أو الشعب أو القانون لذا كان من السهل جدا أن يقعوا في وهاد الطائفية وينحدروا في دهاليز الظلام وتغرقهم موجات التعصب, فبتنا بحاجة ماسة لشفرة نحل بها رموز هذه الخيبة والفشل المتلاحقين والخروج بسلام من سفر التيه في المسارات الخاطئة والمتعرجات.
لم تكن القرارات التي تم التصويت عليها في البرلمان العجيب سوى صفقات بين الاحزاب ولم يكن من السهولة تمرير القرارات بدون توافق المكونات وفق صيغة " أوافق على تمرير القرار الذي يخدمك على شرط أن توافق أنت على تمرير قرار يخدمني" ومن الطبيعي أن لا تكون هذه القرارات في صالح الوطن وإنما تصب في مصلحة الحزب وأجندته, مما أفقد القرارات مشروعيتها فالشرعية للقانون تعتمد على قاعدة تسليم الناس بصحة المشرعين وكفاءتهم وان القوانين تنصب في مصلحة المجتمع والفرد وعدم الإيمان بسلطة التشريع يقوض من شرعية المنظرين, إضافة إلى الثقة بضرورة هذا التشريع والفائدة المرجوة منه, ولابد أن تقوم التشريعات على منهج علمي وقانوني واضح لا لبس فيه ولا غموض ولا التواء وحدوث الزلل والخطأ والتغاضي عن المصالح العليا يبطل هذه الشرعية أيضا.
ومن المؤسف أن تهيمن أجندة الاحتلال وإيران على قرارات المجلس وكما يبدو من توجهات الاحزاب الخاضعة للأحتلالين الأمريكي والإيراني وجود تضارب في هذه الأجندات وهذه من عجائب الأمور مما يمكن تفسيره بوجود تنسيق وتعاون عالي المستوى بين الطرفين وحتى الخلافات الهشة والبسيطة فأنها لا تطفو على السطح طالما أن المصالح العليا متوافقة, رغم التحفظات الكبيرة عليها ورفضها من قبل الشعب العراقي بشكل عام لكن طريقة معالجة الزيارة في مجلس النواب تثير الضحك بقدر ما أثارت أيادي النواب للاشتباك الأعزل في فصل هزلي جديد يضاف إلى موسوعة مهازل البرلمان, فالبرلمان العراقي يتألف من حزمة من العملاء وهم منقسمون حسب وظيفتهم في العمالة إلى عملاء لأمريكا وعملاء لإيران ولإسرائيل وعملاء لبقية دول الجوار إضافة إلى عملاء صغار يمثلون هذه الدولة أو تلك أو كلاهما, ومن ثم يتساءل علماء العمالة فيما بينهم بدهشة عن سبب هذا الاجترار فقاعدة العمالة( لا فرق بين عميل وعميل ألا بنشاطه) فعميل إيران لا يختلف عن عميل إسرائيل أو أمريكا فكلهم سواسية كأسنان المشط فعلام غراب يعير غراب وكلهم غربان! أليس مجلس النواب بجميع شراذمه عملاء لأمريكا ومعظمهم عملاء لإيران؟ أليست إسرائيل هي الوجه الثاني لأمريكا وان عميل أمريكا هو بالمحصلة عميل لإسرائيل, وتبقى المهازل البرلمانيه وتصفيه حساباتهم الشخصيه على حساب الشعب العراقي .