مقدمة
تعتبر السويد من ناحية المساحة رابع أكبر دولة في أوروبا، حيث تبلغ مساحتها 450 ألف كيلومتر مربع، وتبلغ المسافة ما بين أقصى شمالها وأقصى جنوبها 1600 كيلومتر. وبالرغم من أن السويد تقع في أقصى الشمال فان مناخها معتدل نوعا ما، والفضل بذلك يعود بعد فضل الله عزّ وجل إلى تيار الخليج الدافئ في المحيط الأطلسي الذي يقوم بتدفئة البحار المحيطة بالسويد. ومن الصفات التقليدية للمناخ في السويد ، نجد الفصول الأربعة متميزة إلى جانب موجات المنخفضات الجوية التي تأتي عادة إلى السويد من جهة الغرب حاملة معها الأمطار الغزيرة والثلوج الكثيفة . ويتميز فصل الشتاء بانخفاض درجة الحرارة إلى تحت الصفر المئوي ، يصل أحيانا إلى الثلاثين تحت الصفر المئوي بينما يتميز فصل الصيف بارتفاع في درجة الحرارة بشكل يمكّن المرء في البحر حتى في أقصى شمال البلاد، وتصل درجة الحرارة إلى حوالي 30 درجة مئوية فوق الصفر. يبلغ عدد سكان السويد 8,9 مليون نسمة وهم منتشرون في جميع أنحاء البلاد، وبالرغم من ذلك توجد مناطق طبيعية واسعة غير آهلة بالسكان. يسكن ما يزيد عن 50% من السكان في المدن الخمس الكبرى وهي استكهولم و يتبوري و مالمو و أوبسالا و أوره برو.
تكسو الغابات أكثر من نصف مساحة السويد وتشكل المناطق الزراعية اقل من عشر مساحتها. ويوجد في البلاد العديد من البحيرات وارخبيلات كبيرة ، خاصة على امتداد ساحلها الشرقي . أما الجزيرتان اولاند وجوتلاند فهما اكبر جزيرتين في السويد وتمتازان بظروفهما الطبيعية الخاصة. وعلى امتداد حدود السويد مع النرويج تقع منطقة الجبال السويدية والتي يبلغ طولها 1000 كيلومتر وعرضها 100 كيلومتر.
السويد في الماضي والحاضر
مسيرة المواطنين السويديين نحو الديمقراطية، خلفية تاريخية
لمعظم التقاليد السويدية ارتباطا بالدين المسيحي الذي دخل السويد منذ ما يزيد عن ألف عام حيث نشر مبشرون كاثوليكيك الديانة المسيحية بين سكان السويد الوثنيين ، ولذلك نجد أن للأعياد السويدية أصلا وثنيا ألبست ثوبا كنسيا في القرن العاشر الميلادي مثل احتفالات عيد منتصف الصيف وعيد الميلاد الذي تحول إلى احتفال بذكرى مولد المسيح عليه وعلى نبينا محمد افضل التحية والسلام رغم أن تقاليده تعود إلى الفترة الوثنية حيث كان سكان السويد يحتفلون من خلال طقوس خاصة، عندما تكون أيام الشتاء حالكة السواد . وفي القرن السابع عشر تحولت السويد إلى دولة مسيحية بروتستانتية وتحولت الكنيسة تدريجيا إلى مؤسسة دينية مرتبطة بالحكومة رئيسها الروحي هو الملك وتم إدارة البلاد بصورة تامة حسب تعاليم الكنيسة البروتستانتية التي أطلق عليها اسم الكنيسة السويدية وكانت الكنيسة تستخدم كأداة للتوصل إلى الوحدة السياسية . وفي أواخر القرن الثامن عشر تم تشريع قرار يقضي بمنح حرية الديانة للذين ينتمون إلى طوائف دينية أخرى مثل الكاثوليك واليهود والمسلمين وإعطائهم فقط الحق في ممارسة ديانتهم في أماكن عبادتهم.
وفي خلال الحقبة الأخيرة من القرن التاسع عشر نمت صحوة دينية قوية في السويد بسبب الاستياء من تصرفات الكنيسة السويدية الحكومية وقام المعمدانيين والميثوديين بتأسيس طوائف مسيحية مستقلة أطلق عليها الكنائس الحرة . خلال القرن التاسع عشر كانت السويد عبارة عن مجتمع زراعي فقير يتميز بنظام الطبقات. ولم يكن لدى غالبية الشعب السويدي أية إمكانيات للتأثير على القرارات السياسية ، وكان حق التصويت مقصورا على فئة قليلة من الرجال الأغنياء. وكان للملك سلطة كبيرة، بالرغم من أنه لم يكن يحكم بصورة مطلقة. هذا وقد طرأت تغيرات كبيرة في المجتمع السويدي خلال القرن التاسع عشر وبصورة رئيسية من الناحية الاجتماعية وازداد عدد السكان ولكن الأراضي الزراعية لم تكن كافية لإطعام الجميع وساءت ظروف السكان المعيشية في السويد. وتذكر كتب التاريخ أن (2,1) مليونين ومائة ألف من سكان السويد البالغ عددهم 4 ملايين نسمة، اضطروا إلى الهجرة إلى أمريكا الشمالية في الفترة الواقعة ما بين 1850-1920م . ولكن لم يتمكن معظم الفقراء من شراء تذاكر سفر إلى أمريكا. فعاش في السويد عدد كبير من المواطنين في فقر مدقع. وعلى سبيل المثال لا الحصر يذكر انه كان يتم عرض الأطفال اليتامى – أو الأطفال الذين لم يكن بمقدور أولياء أمورهم تدبير معيشتهم- في مزاد علني بحيث يأخذهم من يستطيع رعايتهم بأقل التكاليف بالنسبة لنظام رعاية الفقراء. وكانت مؤسسة رعاية الفقراء حتى عام 1956 هي المؤسسة التي تساعد من لا يستطيع تدبير أمور معيشته بنفسه. وفي العقد السابع من القرن التاسع عشر حدثت نهضة اقتصادية كبيرة في السويد و بدأت النهضة الصناعية بصورة رئيسية وبرزت طبقة العمال الذين نظموا أنفسهم ضمن نقابات عمالية و التي أطلق عليها اسم الحركات الشعبية التي كافحت للحصول على جزء من النمو الاقتصادي الذي ازدهر نتيجة النهضة الصناعية. وفي الوقت الذي تزايدت فيه ثروة الأغنياء كان يغلب على ظروف العمال المعيشية طابع الفقر . قام أرباب العمل أيضا في تنظيم أنفسهم في منظمات أرباب العمل ، حيث كانت النزاعات في سوق العمل شيئا معتادا حتى العقد الثالث من القرن العشرين، عندما عقدت منظمات أرباب العمل ومنظمات العمال معاهدة كان من بين الأشياء التي تضمنتها الاتفاق على حل النزاعات عن طريق المفاوضات.
وفي نهاية القرن التاسع عشر بدأ تشكيل الأحزاب الحديثة. وكان العامل الرئيسي الذي دعى إلى تأسيسها يتلخص في النزاعات التي كانت سائدة في المجتمع. ومن الأسباب الأخرى ارتفاع نسبة المثقفين من عوام الناس ومن أهم إنجازات الأحزاب آنذاك ، تطبيق إصلاح المدرسة الشعبية العليا عام 1842 وتحسين سبل المواصلات وزيادة الاهتمام بالمسائل السياسية. كما أدت التغيرات التي طرأت على المجتمع إلى بروز الصحف اليومية الحديثة. ومن بين القوة العاملة الإجمالية في السويد – التي يبلغ عددها 6،4 مليون شخص- فإننا نجد أن القطاع الصناعي يوظف ما يزيد عن مليون شخص بينما توظف الحكومة والبلديات مليونا وسبعمائة ألف شخص وقطاع الرعاية الصحية والطبية يوظف حوالي 500000 شخص. يوجد في السويد بطالة ملحوظة وخاصة في صفوف المهاجرين. ومن الجدير بالذكر أن الحصول على عمل في السويد يعتبر صعبا حتى ولو كانت فرص العمل متوفرة بصورة جيدة، إذ أن الأمر يتطلب معرفة جيدة باللغة السويدية ودراسات مهنية تتناسب مع النهضة التقنية المعاصرة. يوجد في السويد قانون خاص بالمساواة في الحياة العملية، يمنع هذا القانون أرباب العمل من ممارسة التميز ضد الموظفين، ويتابع وكيل الجمهور لشؤون المساواة ومجلس شؤون المساواة أن أرباب العمل يطبقون القانون بصورة صحيحة ، واستفادة النساء من قانون المساواة بشكل ملحوظ ، فاغلب الوزراء اليوم من النساء وحوالي 40% من أعضاء البرلمان من النساء.
[b][i][youtube] https://www.youtube.com/watch?v=BdajjWbZAnI[/youtube]