الباحث الموسوعي "برهان بخاري" يترجّل
منذ 16 ساعات
«ليس أصعب من كتابة تعريف لشخص ما يتصف بالموسوعية ، فقد تكون جميع بداياته لا علاقة لها بما يمثله من فعاليات حقيقية». هذا ما بدأ به موقع الإمام الصادق (ع) الإلكتروني بتعريفه بالباحث الموسوعي "برهان بخاري" الذي ترجل جسداً ثم ووري الثرى يوم السبت 1/5/2010، وبقي وسيبقى للأجيال القادمة بفكره وآثاره وأعماله قدوة حسنة ومثالاً للإنسان الجاد والمثابر الذي لا يكل ولا يمل.
وأورد الموقع المذكور لمحة عنه في سطور نوردها كما جاءت: «ولد الباحث "برهان بخاري" في "دمشق" عام 1941، وساهم في جميع الأحداث السياسية والفكرية التي عصفت بالمنطقة، ويمكن تقسيم نشاطاته قبل عام 1979 إلى قسمين رئيسيين: القسم الأول: يتعلق بالتعليم، فلقد ابتكر عدداً من الوسائل التعليمية لطلاب المدارس، ثم قام بتنفيذ مشروعه الخاص بمحو الأمية للكبار، وأعدّ بعد ذلك مناهجه لتعليم اللغة العربية للأجانب، وتعليم اللغات الأجنبية للعرب، ووضع عدداً كبيراً من الكتب والأبحاث في هذا الميدان.
القسم الثاني: له علاقة بالفكر والأدب حيث مارس كتابة المقالة الصحفية والنقد الأدبي والقصة القصيرة والرواية والشعر والمسرح، وكتب للصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح.
وفي عام 1979 دعي إلى "طشقند" عاصمة أوزبكستان للاشتراك في العيد الألفي لابن سينا، و?انت هذه الدعوة وراء دخوله الواسع الى عالم الأكاديمية، حيث ترجم لأوّل مرة قطعاً أدبية من الأوزبكية الى العربية مباشرة- كانت الترجمة قبل ذلك تمرّ عبر اللغة الروسية- ثم وضع الأسس العلمية لأوّل معجم أوزبكي- عربي، وعربي- أوزبكي، وكتب عدداً ضخماَ من الدراسات حول بنيوية اللغة الأوزبكية وعلاقتها التاريخية مع اللغة العربية، ونال عدداً من شهادات التقدير والألقاب الأكاديمية.
ولقد تعززت جهوده الأكاديمية باستضافة جامعة الكويت له كأستاذ زائر عام 1983، حيث ساهم في تطوير بحث حول الصوتيات العربية بما يعرف بالكلام المركب صناعياً والكمبيوتر، ولقد مهدت الأبحاث الطريق له لانتقاله إلى العالمية حيث قام بتصميم جهاز كمبيوتر قادر على تنضيد جميع أبجديات العالم والتعامل معها، ولقد قامت بتنفيذه شركة "مونوتايب" البريطانية، حيث عرف عالمياً بلوحة مفاتيح البخاري.
ولقد أمضى الباحث البخاري ثلاث سنوات في أوروبا من عام 1984 إلى 1986 في مراكزها العلمية وجامعاتها، وشارك في عدد من المؤتمرات والمعارض الدولية الخاصة بالترجمة الآلية، ووضع أسس نظريته الخاصة بالترجمة الآلية، والتي عرفت فيما بعد بنظرية اللغة العليا "السوبرا لنغوا" والقادرة على الترجمة الفورية إلى جميع لغات العالم دفعة واحدة.
وبعد عام 1986 عاد إلى "دمشق" واعتكف لإنجاز مشروعه الضخم المعروف بإعادة بناء التراث العربي والإسلامي على الكمبيوتر، والذي يتألف بشكل أساسي من عشر موسوعات، أهمها: موسوعة الحديث النبوي الشريف والتي يربو عدد أجزائها على مئة جزء، قام بطباعة الجزء الأول منها والباقي قيد النشر، ولقد قام بشرح مشروعه في عدد من اللقاءات الصحفية والتلفزيونية والإذاعية باللغة العربية والإنكليزية.
وفي تشرين الأول عام 1995
بدأ بكتابة سلسلة مقالاته في صحيفة تشرين الدمشقية واسعة الانتشار صباح كل أحد، ولقد أثارت مقالاته ضجة واسعة في جميع الأوساط السورية والدولية، نظراً للجرأة الفكرية والعلمية ولعمق التحليل المدعم بالبيانات الأكاديمية التي اتصفت بها.
وقد حملت تلك المقالات عناوين صارخة مثل: لماذا نعيد كتابة التاريخ؟- مؤرخ دمشق الكبير ليس مؤرخاً- الديمقراطية ورقعة الهوامش- القفز في الماء البارد- هل نحالف الشيطان- رسالة مفتوحة إلى بل كلينتون... وغيرها.
ويعتبر مقال "الصادق" من أهم وأجرأ المقالات التي كتبها متجاهلاً جميع الحساسيات المذهبية والطائفية، حيث أظهر فيه عملية التزوير والتعتيم التي تجري على تراثنا».
وقد أورد في زاويته في جريدة الثورة "معاً على الطريق" تحت عنوان "دمشق عاصمة الثقافة": «بداية أقول إن اختيار مدينة كعاصمة للثقافة لا يكون بسبب عراقتها التاريخية فقط وإلا لجرى اختيار الأقصر أو تدمر أو البتراء أو مدائن صالح عواصم للثقافة لكن السبب وراء الاختيار هو دراسة ما تجمّع في بوتقة أي مدينة عريقة حية من تراكمات ثقافية تفيد الراهن والمستقبل ضمن إطار إنساني شمولي.... في عام 1979 دعيت إلى "طشقند" للمشاركة في العيد الألفي لابن سينا وكان احتفال أوزبكستان يمثل ذروة الاحتفالات التي جرت في مختلف جمهوريات الاتحاد السوفييتي بحكم كون "ابن سينا" أوزبكياً وقد حضر الاحتفال رئيس الجمهورية ومختلف القيادات الحزبية والسياسية والفكرية والإبداعية، لكن ذروة الاحتفالات الحقيقية كانت في مدينة "بخارى" التي كانت إحدى قراها والتي تدعى "أفشنة" مسقط رأس "ابن سينا"، ولو كان كتاب غينيس للأرقام القياسية موجوداً أو متابعاً آنذاك لسجل أكبر مائدة في التاريخ بطول عشرات أو مئات الكيلومترات، فكل بيت وضع مائدة على حصته من الرصيف متصلة بمائدة جاره، وهكذا امتدت الموائد على مختلف أرصفة "بخارى"، وكان كل صاحب بيت يتوسل المارين أن يذوقوا لقمة واحدة من طعامه وعلمت أنه قد جرى التحضير لهذا الأمر فردياً وطوعياً قبل بضعة أشهر. طبعاً نحن لا نحلم بقيام مثل هذه الأمور لكننا نؤكد أن الدور الشعبي شيء فاعل وحاسم ولا يمكن إقناع الشعب بلعب دوره بشكل فوقي واستعلائي، بل بإقناعه أنه شريك أساسي في العملية بأسرها...».
ولعل المقابلة الموسعة التي أجراها مع الباحث "البخاري" الزميل "وائل يوسف" في مجلة أفق الثقافية تحت عنوان "برهان بخاري: انظروا لقد عاد أوزبكياً من جديد"، تقدم لمحة وافية عن حياة الباحث ورأيه في أهم قضايا عصره وانتمائه، وهي على الرابط التالي:
http://www.ofouq.com/today/modules.p...=print&sid=739
رحم الله الباحث "برهان بخاري" وتغمده بواسع رحمته وأسكنه رضوانه.