منتدى تركمان الجولان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى تركمان الجولان


 
الرئيسيةالتسجيلدخولأحدث الصور

 

 الامام الذهبي بين الحديث والتاريخ

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
الباحثة
عضو جديد
عضو جديد



نقاط : 5374
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 19/09/2009

الامام الذهبي بين الحديث والتاريخ Empty
مُساهمةموضوع: الامام الذهبي بين الحديث والتاريخ   الامام الذهبي بين الحديث والتاريخ Emptyالسبت أكتوبر 10, 2009 5:21 am

ورقة عمل عن
 الإمام الذهبي 
بين الحديث والتاريخ




إعداد :
د . أسمهان علي جعفر
قدمته الباحثة في مؤتمر عن الامام الذهبي في عشق اباد 2008
1- مقدمة
2- مولده ونشأته
3- نشأته في طلب العلم
4- رحلاته ونشاطه الفكري
5- شيوخه
6- تلاميذه
7- مدح العلماء للإمام الذهبي
8- شهادة الإمام الذهبي في أستاذه ابن تيمية
9- أشعار الذهبي
10- تعليقات الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن كلام المترجم لهم فيه
11- مقولة ذهبية للإمام الذهبي
12- منهج الحافظ الذهبي
13- فوائد تربوية في كتاب (معرفة القراء الكبار)
14- وفاته
15- خاتمة

1- مقدمة :
لم تعرف المكتبة العربية مؤرخاً غزير الإنتاج ، متنوع التأليف مثل الإمام الذهبي وقد بلغت مؤلفاته التاريخية وحدها نحو مائة وخمسين كتاباً ، بعضها يتجاوز المجلات ذوات العدد ، ولا تقتصر هذه المؤلفات على عصر معين أو فئة محددة أو تنظيم واحد بل تتجاوز ذلك كله لتشمل جميع عصور الإسلام .
ويجمع الذهبي بين ميزتين لم يجتمعا إلا للأفذاذ القلائل في تاريخنا ، فهو يجمع إلى جانب الإحاطة الواسعة بالتاريخ الإسلامي حوادثا ورجالا ، المعرفة الواسعة بقواعد الجرح والتعديل للرجال ، فكان وحده مدرسة قائمة بذاتها .
2- مولده ونشأته :
اسمه الذهبي محمد بن عثمان بن قايماز ، شمس الدين أبو عبد الله الذهبي ، محدث العصر ، إمام الوجود حفظا ، وذهبي العصر معنى ولفظا ، ولد في مدينة دمشق الفيحاء في ( ربيع الآخر 637 هـ = 1274 م) ونشأ في أسرة كريمة ، تركمانية الأصل ، وكان والده يعمل في صياغة الذهب ، ومنها عرف بالذهبي ، وكان رجلا صالحاً محبا للعلم ، فعني بتربية ولده وتنشئته على الاطلاع والمعرفة الواسعة ، وفي سن مبكرة انضم إلى حلقات تحفيظ القرآن الكريم حتى حفظه وأتقن تلاوته ، وطلب الحديث وهو ابن ثماني عشرة .
وسمع بعد التسعين وستمائة وأكثر عن ابن عزيز وابن عساكر ويوسف الغسولي وغيرهم ثم رحل إلى القاهرة واخذ عن الأبرقوهي والدمياطي وابن الصواف والقرافي وغيرهم وشيوخه في السماع والإجازة في معجمه الكبير .
3- نشأته في طلب العلم :
كانت أهم العوامل التي أثرت في التكوين العلمي للإمام الذهبي في بداية طلبه للعلم ، أسرته وبلده .
أما أسرته ، فهو كما أسلفنا من أسرة متدينة متعلمة ، ميسورة الحال ، الأمر الذي ساعد – بعد توفيق الله تعالى- على دفع الذهبي إلى كتاتيب تعليم القرآن في صغره ، والتفرغ بعد ذلك لطلب العلم وتحصيله من ريعان شبابه ، بدلا من الانشغال في تحصيل قوته وطلب رزقه . ولم يكن يقدر صفو هذه النعمة إلا امتناع والده عن السماح له بالرحلة في طلب العلم إلا في رحلات قصيرة لا تتجاوز أربعة أشهر ، وذلك لخوفه عليه وشدة تعلقه به .
وقد عبر الذهبي عن تحسره لعدم الالتقاء بعض الشيوخ لهذا المانع ومن ذلك " وكنت أتحسر على الرحلة إليه ، وما أتجسر خوفا من الوالد ، فإنه كان يمنعني " وقال في موضع آخر : " ولم يكن الوالد يمكنني من السفر " .
وأما العامل الثاني ، فهو بلده دمشق التي كانت تجمع في ذلك العصر شموس العلم من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية ، والحافظ المزي وغيرهما ، فقد حظي الذهبي برفقة هؤلاء والإفادة منهم ، وأضف إلى ذلك اشتهار دمشق في ذلك الحين بكبريات دور الحديث ، كدار الحديث الظاهرية ودار الحديث السكرية ، ودار الحديث الأشرفية ، وغيرها . فقد كانت دمشق في ذلك العصر مركز إشعاع علمي وخاصة في علوم الحديث ، وخير شاهد على ذلك ما نراه بين أيدينا من مؤلفات وموسوعات علمية كتبت في تلك الحقبة الزمنية التي عاشها الذهبي .
وقد بدأ الذهبي بدايته العلمية بحفظ كتاب الله تعالى ، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة ، وذلك على يد أحد المؤدبين ، وأسمه علاء الدين بن الحلبي ، المعروف بالبصبص ، حيث أقام الذهبي في مكتبة أربعة أعوام .
ثم انتقل الذهبي بعدها إلى الشيخ مسعود بن عبد الله الأغزازي ، فلقنه جميع القرآن ، ثم قرأ عليه نحو من أربعين ختمة .


4- رحلاته ونشاطه الفكري :
كانت رحلاته الأولى داخل البلاد الشامية ، وبدأ حياته العلمية في قرية كفر بطنا في غوطة دمشق ، حيث تولى الخطابة فيها وظل مقيما بها إلى سنة (718هـ = 1318 م)
وفي هذه القرية ألف الذهبي أفضل كتبه ، وتعد هذه الفترة من حياته أخصب فترات حياته إنتاجاً ، ثم تولى مشيخة دار الحديث .
رحل إلى حلب وحماة وطرابلس والكرك ونابلس والرملة والقدس وكما رحل إلى مصر والحجاز .
واستطاع الذهبي أن يدرس عدد كبير من طلبة العلم الذين توافدوا إليه من كل حدب وصوب بسبب انتشار مؤلفاته ومعرفته الواسعة بالحديث ، وعلومه والتاريخ وفنونه فكان مدرسة قائمة بذاتها .
مع ما أسلفنا من أن والد الذهبي كان يمنعه من السفر والرحلة في طلب العلم وهو في مقتبل شبابه ، إلا أن ذلك المنع لم يكن بالكلية ، فقد سمح له والده ببعض الرحلات القصيرة ، تمكن من خلالها الالتقاء ببعض العلماء خارج محيط دمشق ، ومن بين تلك الرحلات التي قام بها أثناء حياة والده ، رحلته إلى بعض المدن الشامية ، ومنها : بعلبك ، وحلب ، وحمص ، وحماة ، وطرابلس ، والكرك ، والمعرة ، و بصرى ، ونابلس ، والرملة , والقدس , وتبوك
لكن أبرز رحلاته في هذه الفترة كانت إلى مصر ، التي زارها في الفترة من رجب إلى ذي القعدة من عام (695هـ) مروراً بفلسطين ، وكان قد وعد والده أن لا يقيم في هذه الرحلة أكثر من أربعة أشهر ، وبسبب ذلك لم تطل فترة رحلته ، ولكنه استفاد كثيرا حيث سمع من شيوخها وكبار علمائها .
وفي سنة (698هـ) أي بعيد وفاة والده ، رحل الذهبي للحج وسمع بمكة ، وعرفة ، و منى ، و المدينة من مجموعة من الشيوخ .
كما كانت له بعض الرحلات في تلك الفترة انحصرت في محيط البلاد الشامية .
قال عنه ابن الصفدي : " وارتحل وسمع بدمشق ، وبعلبك ، وحمص ، وحماة ، وحلب ، وطرابلس ، ونابلس ، والرملة ، و بِلبِس ، والقاهرة ، والإسكندرية ، والحجاز ، والقدس ، وغير ذلك".
5- شيوخه :
ذكر الصفدي أن عدد شيوخ الذهبي وصل إلى ألف وثلاثمائة شيخ .
وقد حرص الذهبي على تدوين أسماء شيوخه الذين استفاد منهم عن طريق السماع أو الإجازة ، فكتب معجم الشيوخ الكبير ، والأوسط ، و الصغير (اللطيف) .
وقد طبع معجم الشيوخ الكبير بتحقيق الدكتور محمد الحبيب الهيلة .
وقال الذهبي في مقدمته : " أما بعد فهذا معجم العبد المسكين محمد ابن أحمد بن عثمان " إلى أن قال : " يشتمل على ذكر من لقيته أو كتب إلي بالإجازة في الصغر ، وعلى كثير من المجيزين لي في الكبر ولم أستوعبهم ، وربما أجاز لي الرجل ولم أشعر به ، بخلاف ما سمعته منه فإني أعرفه " .
ولسنا بصدد ذكر الجم الغفير من شيوخ الذهبي ، ولكن نشير إلى أن الذهبي حظي برفقة ثلاثة من مشاهير عصره الذين طبقت سمعتهم الآفاق وهم :
- شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية (661هـ/728هـ)
- العلامة الحافظ جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزي (654هـ/742هـ)
- العلامة الحافظ علي الدين القاسم بن محمد البرزالي (665هـ/739هـ)
وكان للذهبي مع هؤلاء الأعلام صحبة وملازمة ، وكان الذهبي أصغر الجميع سناً ، وكان أبو الحجاج المزي أكبرهم ، وكان بعضهم يقرأ على بعض ، فهم شيوخ وأقران في الوقت ذاته يجمعهم التمسك بعقيدة السلف الصالح والرغبة في تعلمها ونشرها والدفاع عنها ، وحبهم لعلم الحديث والاشتغال به وحرصهم على إتباع آثار السلف الصالح .
وقد تركت تلك الصحبة آثارها القوية على شخصية الذهبي وتكوينه العلمي ، ويظهر ذلك جليا في كتاباته
وقد ساعد على تكوين الذهبي لتلك العلاقة و الصلة الوثيقة بهؤلاء الأعلام ــ مع أن فارق السن كان بينه وبين المزي تسع عشرة سنة ، وبينه وبين ابن تيمية اثنتا عشرة سنة ــ ما حباه الله به من الذكاء وقوة الحافظة ، الأمر الذي ساعده على ملازمة هؤلاء الأعلام ومجاراتهم مع ما تميزوا به من علم واسع ، وذكاء مفرط .
وقد أثنى الذهبي الثناء العطر على هؤلاء الأعلام وامتدحهم في كتاباته ، واعترف لهم بالفضل والجميل .
6- تلاميذه :
تتلمذ على يد الذهبي المئات من تلاميذ ، وقد قال عنه تلميذه الحسيني : " وحمل عنه الكتاب والسنة والخلائق " وقال
السبكي : " وسمع منه الجم الكثير "
ومن ينظر في كتب القرن الثامن يجدها زاخرة بمئات من التلاميذ الذين استفادوا من الذهبي ولعل من أشهر من استفاد وسمع منه من نظرائه :
1- الحافظ عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير صاحب التفسير
2- الحافظ زين الدين عبد الرحمن بن الحسن بن محمد السلامي البغدادي ، الشهير بابن رجب الحنبلي
3- صلاح الدين خليل بن أبيك الصفدي ، صاحب كتاب " الوافي بالوفيات "
4- شمس الدين أبو المحاسن ، محمد بن علي بن الحسن الحسيني ، الدمشقي ، الشافعي ، صاحب " ذيل تذكرة الحفاظ "
5- تاج الدين أبو نصر ، عبد الوهاب بن علي السبكي ، صاحب " طبقات الشافعية الكبرى "
7-مدح العلماء للإمام الذهبي :
الإمام الذهبي مؤرخ الإسلام وقد لقب بذلك ، كما أنه أحد أعلام علم الحديث رواية ودراية فلا عجب أن يكون محل ثناء الخاص والعام ولا غرو أن تنطلق الألسنة بذكره فقد قال عنه ابن السبكي في كتابه طبقات الشافعية (شيخنا واستأذنا الإمام الحافظ محدث العصر) وقد خلف الحافظ الذهبي للأمة الإسلامية ثروة هائلة من المصنفات القيمة النفسية .
وقال الشوكاني في كتابه البدر الطالع (الحافظ الكبير ، المؤرخ صاحب التصانيف السائرة في الأقطار) التي هي المرجع في بابها وعظمت الفائدة بهذه المؤلفات ونالت حظا كبيرا ً من الثناء وكان لها القبول التام لدى الخاص والعوام ، وقال الحافظ ابن كثير في كتابه البداية والنهاية (الحافظ الكبير ، مؤرخ الإسلام وشيخ المحدثين ، وقد ختم به شيوخ الحديث وحفاظه)
وقال الحافظ ابن حجر : ورغب الناس في تواليفه ورحلوا إليه بسببها وتداولوها قراءة ونسخاً وسماعا
وقال أبو المحاسن الحسين : وصنف الكتب المفيدة فمن أطولها تاريخ الإسلام ومن أحسنها ميزان الاعتدال في نقد الرجال
وقال : مصنفاته و مختصراته وتخريجاته تقارب المائة قد سار بجملة منها الركبان في أقطار البلدان .
لقد تبوأ الذهبي مكانة مرموقة في عصره تجد صداها فيما ترك من مؤلفات عظيمة وفي شهادة معاصريه له ، ولعل أجمل ما قيل فيه كلام تلميذه تاج الدين السبكي (محدث العصر ، اشتمل عصره على أربعة من الحفاظ بينهم عموم وخصوص ، المزي والبرزالي والذهبي والشيخ الوالد ، لا خامس لهؤلاء في عصرهم وأما أستاذنا أبو عبد الله فبصر لا نظير له ، وكنز هو الملجأ إذا نزلت المعضلة ، إمام الوجود حفظا ، وذهب العصر معنى ولفظا ً ، وشيخ الجرح والتعديل )
وظل الذهبي موفور النشاط يقوم بالتدريس في خمس مدارس للحديث
قال الشوكاني في وصفها ، وجميع مصنفاته مقبولة مرغوب فيها ، رحل الناس لأجلها وأخذوها عنه وتداولوها وقرؤوها وكتبوها في حياته وطارت وقرءوها في جميع بقاع الأرض وله فيها تعبيرات رائعة وألفاظ رشيقة ، غالبا لم يسلك مسلكه فيها أهل عصره ولا من قبله ولا قبلهم ولا أحد بعدهم . وما يحمله الناس في التاريخ من أهل عصره فمن بعدهم يحال عليه ولم يجمع أحد في هذا الفن كجمعه ولا حرره كتحريره.


8- شهادة الإمام الذهبي في أستاذه ابن تيمية :
(ما موقف الإمام الذهبي من ابن تيمية وهل ترجم له ؟)

الإمام الذهبي من تلاميذ الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية الذين استفادوا من علمه ، وتأثروا بأخلاقه ، وقد ترم له ترجمت دلت على مكانة شيخ الإسلام عنده فقال فيه : وهو أكبر من أن ينبه على سيرته مثلي ، فلو حلفت بين الركن والمقام لحلفت أني ما رأيت مثله ، وأنه ما رأى مثل نفسه .
وقال أيضاً في علمه بالسنة : (يصدق أن يقال كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث )

9 - أشعاره : ومن شعره :
إذا قرأ الحديث علي شخص وأخلى موضعا لوفاة مثلي
فما جازى بإحسان لأني أريد حياته ويريد قتلي
وله :
العلم :ذكر القرآن قال رسوله () أن صح والإجماع فأجهد فيه وحذار من نصب الخلاف جهالة * بين الرسول وبين رأي الفقيه .
إذا يعتبر الذهبي من العلماء الذين دخلوا التاريخ من باب الحديث النبوي وعلومه ، وظهر ذلك في عنايته الفائقة بالتراجم التي صارت أساس كثير من كتبه ومحور تفكيره التاريخي .
فهو بحق سيد من سادات ، المؤرخين ، وعلم من أعلام التحقيق والتشخيص ، ولا يبارى في ميدانه ، ولا يلحق شأوه في ذلك أبداً.


ومما قيل فيه من الشعر :

مازلت بالسمع أهواكم وما ذكرت أخياركم قط إلا ملت من الطرب
وليس من عجب إن ملت نحوكم فالناس بالطبع قد مالوا إلى الذهب

كان زاهدا ً ورعا ، حسن الخلق ، حلو المحاضرة ، يقضي أغلب أوقاته في الجمع والاختصار ، وترك ثروة علمية في فن الحديث والتاريخ والتراجم وغيرها .
وقام بوضع مختصرات لأمهات الكتب التاريخية المؤلفة قبله ، فاختصر تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ، وتاريخ دمشق لابن عساكر وتاريخ مصر لابن يونس وغيره الكثير (وقد حصر الدكتور شاكر مصطفى الكتب التي اختصرها الذهبي في 376 عملا ) .
غير أن أشهر كتبه كتابان هما (تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام )
وقد تناول فيه تاريخ الإسلام من الهجرة النبوية حتى سنة (5700)
وتضمن هذا العمل الحوادث الرئيسة التي مرت بالعالم الإسلامي مع تراجم المشهورين في كل ناحية من نواحي الحياة .
10- تعليقات الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء على كلام المترجم لهم فيه
(ترجمة سعيد بن زيد رضي الله عنه )
قال الذهبي:
قلت : لم يكن سعيد متأخراً عن رتبة أهل الشورى في السابقة والجلالة ، وإنما تركه عمر رضي الله عنه لئلا يبقى له فيه شائبة حظ ، ختنه وابن عمه ، ولو ذكره في أهل الشورى لقال الرافضي حابى ابن عمه . فأخرج منها ولده وعصبته فكذلك فليكن العمل لله .


(ترجمة سعد بن معاذ رضي الله عنه )
عن عبد الرحمن بن جابر ، عن أبيه قال : لما انتهوا إلى قبر سعد ، نزل فيه أربعة الحارث بن أوس ، وأسيد بن الحضير ، وأبو نائلة سلكان ، و سلمة بن سلامة بن وقش ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف ، فلما وضع في قبره ، تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسبح ثلاثاً ، فسبح المسلمون حتى ارتج البقيع ، ثم كبر ثلاثا ، وكبر المسلمون ، فسئل عن ذلك ، فقال : (تضايق على صاحبكم القبر ، وضم ضمة لو نجا منها أحد لنجا هو ، ثم فرج الله عنه )
قال الذهبي :
قلت : هذه الضمة ليست من عذاب القبر في شيء ، بل هو أمر يجده المؤمن كما يجد ألم فقد ولده و حميمه في الدنيا ، وكما يجد من ألم مرضه ، وألم خروج نفسه ، وألم سؤاله في قبره وامتحانه ، وألم تأثره ببكاء أهله عليه ، وألم قيامه من قبره وألم الموقف وهوله ، وألم الورود على النار ، ونحو ذلك فهذه الأراجيف كلها قد تنال العبد و ما هي من عذاب القبر ، ولا من عذاب جهنم قط ، ولكن العبد التقي يرفق الله به في بعض ذلك أو كله ، ولا راحة لمؤمن دون لقاء ربه
قال الله تعالى : وأنذرهم يوم الحسرة  وقال : وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر فنسأل الله تعالى العفو واللطف الخفي
ومع هذه الهزات ، فسعد ممن نعلم من أهل الجنة ، وأنه من أرفع الشهداء ، رضي الله عنه كأنك يا هذا تظن أن الفائز لا يناله هول في الدارين ، ولا روع ولا ألم ، ولا خوف ، سل ربك العافية ، وأن يحشرنا في زمرة سعد .

(ترجمة خالد بن الوليد رضي الله عنه )
قال : قيس بن أبي حازم : سمعت خالداً يقول : ما منعني الجهاد كثيراً من القراءة (قراءة القرآن) ورأيته أتى بسم ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : سم ، قال باسم الله وشربه
قال الذهبي : قلت : هذه والله الكرامة ، وهذه الشجاعة .


11- مقولة ذهبية للإمام الذهبي :
عن الإمام الذهبي رحمه الله حين يعلق على إيثار عبيدة السلماني : لشعرة نبوية على سائر ذهب وفضة الأرض ، يقول :" هذا القول من عبيدة هو معيار كمال الحب ، وهو أن يؤثر شعرة نبوية على كل ذهب وفضة بأيدي الناس ؛ ومثل هذا يقوله هذا الإمام بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، بخمسين سنة ، فما الذي نقوله نحن في وقتنا لو وجدنا بعض شعره بإسناد ثابت ، أو شسع نعل كان له ، أو قلامة ظفر ، أو شقفة من إناء شرب فيه.
فلو بذل الغني معظم أمواله في تحصيل شيء من ذلك عنده
أكنت تعده مبذرا أو سفيهاً ؟
كلا فابذل مالك في زورة مسجده الذي بنى فيه بيده ، والسلام عليه عند حجرته في بلده ، والتذ بالنظر إلى أحده وأحبه ، فقد كان نبيك صلى الله عليه وسلم يحبه ، وتملى بالحلول في روضته ومقعده ، فلن تكون مؤمناً حتى يكون هذا السيد أحب إليك من نفسك وولدك وأموالك والناس كلهم "
12- منهج الحافظ الذهبي :
الإمام الذهبي لما لخص مستدركه ، كان ذلك في شبابه
الذهبي كان في متوسط عمره عندما ألف كتاب تلخيص المستدرك . وهذا استنتجته من عدة أمور :
1) التلخيص عادة يكون في أوائل الطلب ، لا في أواخره .
2) تلخيص المستدرك ذكره الذهبي في غالب كتبه ، مما يجعلنا نجزم بأنه من قديم تصنيفه
3) بعض عباراته في التلخيص فيها بعد الشدة مقارنة مع عباراته في الميزان والسير وغير ذلك
4) فاتته عدة أحاديث وهم بها الحاكم وقد أخرجها الشيخان ولم ينبه الذهبي إلا على قليل منها
5) تصحيحه لأحاديث قد ضعفها فيما بعد أو في مواضع أخرى ومثل هذا التناقض استبعده على الذهبي الذي نعرفه في آخر عمره
6) كتاب التلخيص قال عنه الذهبي في السير : وبكل الأحوال فهو – أي مستدرك الحاكم – كتاب مفيد قد اختصرته ، ويعوز عملا وتحريرا
وإجمالا فالأمرين الأول والثاني هما السببين الأساسيين لترجيحي بذلك وهناك الكثير من الكتب التي كتبها مؤلفوها في شبابهم فكانت دون مستواهم الذي نجده في كتبهم المشهورة الأخرى
13- فوائد تربوية من كتاب (معرفة القراء الكبار):
في ترجمة الإمام أبي كعب رضي الله عنه قال الذهبي :
( قلت : كان أبي بن كعب أقرأ من أبي بكر وعمر ، وبعد هذا فما استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على الصلاة ، مع قوله صلى الله عليه وسلم : (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) الحديث ، غير أن الذهبي في النسخة الأخيرة من الكتاب عقب بقوله بدل قوله (وهذا مشكل ) بقوله : (وأجيب عن هذا الإيراد بأن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف الصديق على الصلاة ، ليستقر في النفوس أهليته للخلافة الكبرى ، إذ الصلاة أهم الدين))
وفي هذا النقل فوائد :
1- أن المؤلفين لا يزالون ينقحون في كثير من مؤلفاتهم مما يستدعي تغير بعض آرائهم واستنباطاتهم ، وآخرها هو القول المعتبر الذي ينسب للمؤلف .
2- أهمية جمع نسخ المخطوطات للكتاب المحقق ، وموازنتها حتى يظهر الكتاب في الصورة النهائية التي أرادها المؤلف أو قريبا منها ، ومن هنا تظهر قيمة الطبعتين التركية وطبعة مركز الملك فيصل للكتاب لتمامهما .
3- أهمية الربط بين النصوص الشرعية المتفرقة في الموضوع الواحد حتى يصح الاستنباط ، حيث ربط الذهبي هنا بين أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤم الأقرأ في الصلاة ، وكون أبي بن كعب أقرأ من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يؤم الناس في الصلاة وفيهم أبي بن كعب . وبالربط بين هذه الأحوال والأقوال يستنبط الحكم الشرعي في مثل هذه الحال

قال الذهبي في ترجمة الإمام عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : (قد كان رأسا في تجويد القرآن ، مع حسن الصوت .
روى قره بن خالد ، عن النزال بن عمارة – وهو ثقة – عن أبي عثمان النهدي قال : صلى بنا ابن مسعود المغرب بـ قل هو الله أحد، فلوددت أنه قرأ بسورة البقرة من حسن صوته ، وترتيله )

وفي هذا النقل فوائد :
1- استحباب تحسين الصوت بالقرآن عند التلاوة وإمامة الناس وسنية ذلك ، فعبد الله بن مسعود رضي الله عنه أخذ ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونعم القدوة .
2- تفاوت القراء من الصحابة في حسن الصوت وجماله ، وعبد الله بن مسعود وأبو موسى الأشعري من أجمل قراء الصحابة صوتا رضي الله عنهما
3- قراءة سورة الإخلاص في صلاة المغرب .
14- وفاته :
توفي الذهبي رحمه الله تعالى قبل منتصف ليلة الاثنين ، ثالث ذي القعدة ، سنة ثمان وأربعين وسبعمائة ، وكان قد بلغ من العمر حينذاك خمسة وسبعين عاما وسبعة أشهر .
وكانت وفاته بدمشق ، ودفن رحمه الله بمقبرة الباب الصغير ، وحضر الصلاة عليه جملة من العلماء ، وكان رحمه الله قد كف بصره قبل موته بسبع سنين . قال تلميذه الحسيني : " أضر في سنة إحدى وأربعين ، ومات في ليلة الاثنين ثالث ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة بدمشق ، ودفن في مقبرة الباب الصغير رحمه الله تعالى " .

15 -خاتمة :
الحافظ الذهبي مؤرخ الإسلام –ناقد المحدثين- إمام المعدلين والمجرحين
أعلام المسلمين (50) الحافظ الذهبي واحد من مشاهير علماء الأمة ، وأحد أساطين المحدثين ، وجهابذة المؤرخين ، ونقاد الأخبار والأسانيد ، وشيوخ الجرح والتعديل . رحل رحلات كثيرة ، وطوف في بلاد الإسلام ، وأكثر الأخذ عن الشيوخ والأعيان ، وبرز في علوم عدة ، وبخاصة في التاريخ والرجال ، وعكف على التصنيف ، فألف واختصر ، وانتقى واستدرك ، وفرع وأصل ، وصحح وعلل، وأضفى على مصنفاته منهجه المنفرد ، وأسلوبه المتميز ، ووشاها بنقداته البارعة ، فقدم للمكتبة الإسلامية مصنفات رائعة رائقة ، محررة منقحة ، أصبحت ذخائر للمعرفة ، وموارد للباحثين ، ومصادر للكتاب والمؤرخين . وهذا الكتاب ترجمة حافلة ، وصورة متكاملة عن الإمام الذهبي ، يجلو سيرته بأسلوب علمي وعرض رصين محكم ، متحدثا عن أخباره الشخصية والبيئة التي عاش فيها ، ورحلاته وشيوخه ، والعلوم التي برع فيها مؤكدا على خاصية (النقد) التي اشتهر بها الذهبي ، كما تحدث على عوامل تكوين شخصيته ،ومنهجه ، وعقيدته ، وأخلاقه ، وعبارته ، واستعرض مصنفاته وخصائصها وأهميتها .

وفي النهاية نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في العمل والصدق في القول وأن يوفقنا للوصول لما كان عليه سلفنا الصالح في العقيدة والعمل وأن يجعل عملنا المتواضع خالصا لوجه الله تعالى

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Slim Shady
عضو نشيط
عضو نشيط
Slim Shady


نقاط : 5484
السٌّمعَة : -8
تاريخ التسجيل : 06/10/2009

الامام الذهبي بين الحديث والتاريخ Empty
مُساهمةموضوع: رد: الامام الذهبي بين الحديث والتاريخ   الامام الذهبي بين الحديث والتاريخ Emptyالسبت أكتوبر 10, 2009 12:46 pm

بالنسبة لي فقد قرأت عدة كتب للامام الذهبي ولكنني للمرة الاولى أقرأ أنه تركماني الأصل, عنجد شكرا كتير على هالمعلومة الرائعة والمقال الموثق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الامام الذهبي بين الحديث والتاريخ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الإمام الذهبي
» صحف تركيا: طوينا العصر الذهبي لإسرائيل
» السيد مقتدى الصدر يفتي بجواز سرقة أموال العراق بشرط تخميسها لديه كونه الامام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى تركمان الجولان :: القسم الثقافي :: المنتدى الثقافي-
انتقل الى:  
©phpBB | Ahlamontada.com | الإعلاميات و الأنترنت | الأنترنت | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع