الجنس : نقاط : 5770 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 20/04/2009
موضوع: تركستان الثلاثاء أبريل 21, 2009 2:04 am
مقدمة
بقلم المؤلف
على المرء فى هذه الدنيا واجبات ترتبط بذمته، و تتحقق بها سعادة دنياه و آخرته، و أهمها فى حياة الشخص واجبان:
واجبه الدينى و واجبه الوطنى .... و لقد كنت منذ نشأتى أشعر بإيمان عميق يدفعنى إلى أداء هذين الواجبين، فرأيت أن خدمة بلادى تعد وفاء بهما، و قياما بحقهما فى وقت واحد.
و ذكرت أننى إذا وفقت إلى اخراج كتاب باللغة العربية فى تاريخ تركستان، فقد خدمت الدين و الوطن، و أرضيت الله و الأمة.
أن تاريخ الترك لن يعرف منفصلا عن تاريخ الإسلام، كما أن الإسلام لا يمكن إستيفاء عصوره و أجياله بحثا و استقصاء بغير تاريخ الأتراك، فكلا التاريخين مرتبط بأخر و متم له – فهمما كالروح و الجسم لا ينفصلان، و كالنور و الحرارة لا يفترقان - !.!.
قمت بهذا الواجب فعلا، فصنفت كتابا يشتمل على مجلدين كبيرين عن بلادى منذ بزوغ فجر تاريخها إلى اليوم و اطلعت عليه اسم « التركستان الخالدة ». و كنت أحاول أن اخرجه للناس فى صورته الكاملة، فحالت أزمة الورق و الظروف الحاضرة دون الوفاء بذلك، فآثرت التريث و الانتظار ...........
حتى شرفنى "الجمعية الخيرية التركستانية " و "الجالية التركستانية بمصر"بتكليفى بإصدار رسالة موجزة عن تاريخ التركستان، فتلقيت هذه الرغبة النبيلة بما هى جديرة به من تلبية و استجابة؛ ثم توالت الرسائل من تركستان تتعجل عودتى إلى الاوطان، و أنا بدورى لست أقل شوقا إلى الوطن؛ من الوطن حين يدعونى إلى الاستنارة بضيائه و الحياة السعيدة بين أرضه و سمائه.....
وردت على الرسائل الكريمة من أشقائى: ( فضيلة المفتى مطيع الله مخدوم، و صاحبا العزة عبدالحميد مخدوم و أي مخدوم )، فكأنها صورة الوطن بدت لعينى، و مثلت أمامى، و لما كنت مضطرا إلى تلبية الرغبتين، و المسارعة إلى تحقيق الواجبين، فقد كنت نشرت هذه الرسالة تحقيقا للغرض الدينى و الوطنى، آملا أن يجدها المسلم المطلع عليها مشتملة على جملة صالحة من تاريخ تركستان، فإن هذا الباب من التاريخ يقع من المراجع فى صورة موزعة، و لا يكاد الباحث يقع فى المصادر العربية منها على كتاب شامل لأجيال تركستان كلها إلى العهد الأخير. فى هذه الرسالة على إجمالها و صغر حجمها عجالة صالحة يجد فيها القارئ صورة مصغرة لعصور تركستان التى سجلتها على وجه من الاختصار، و هى تعرض على القارئ ال أحداث و الصور و تكشف له فى مشاهدها على الملوك و الاسر.. حتى ذا أقبل هذا العصر يحمل فى طياته الكتاب و انطوت صحائفه مؤقتا – فلعى عائد لتركستان الشرقية – انتهى الكتاب و انطوت صحائفه مؤقتا – فلعلي عائد إلى استكمال هذا البحث بالحصر، واستيعاب ما اشتملت عليه حوادث هذا العصر، فمن أراد بعد ذلك استيفاء المعلومات الضافية عن تاريخ تركستان، ففى « تركستان الخالدة » غناء و شفاء. و لن أدع هذه المقدمة قبل أن أختتمها بشكر الجمعية الخيرية التركستانية، و الجالية بأكملها – راجيا الله عز وجل أن يمنحنى السداد فى هذا الجهاد العلمي، و أن يكتب السعادة و التوفيق لشعب تركستان؛ فهو ولى العناية و هو المستعان.
عبدالعزيز جنكيزخان بن قاضى القضاة الشرعية فى تركستان الشرقية ( العلامة داملا عاشور اعلم آخونود البوكورى ) « الينكحصارى رحمة الله عليه »
تمهيد
تركستان هى تلك البلاد الجميلة الخضراء التى تشقها الأنهار الكثيرة؛ الغزيرة المياه بمواردها العذبة الصافية، و تكتنفها الهضاب و النجاد، و بها آثارأول مدينة، و أقدم حضارة .... تشهد لآبائنا و اجدادنا بما كنا لهم من نبوغ فى الفن، و عراقة فى المجد و السلطان، و تقوى فى نفوسنا الروح القومية، و الاعتزاز بذكريات الماضى المجيد.
لقد كانت تلك البلاد مهد الأتراك، و مغرس دوحتهم، و منبت روضتهم، و منشأ أصولهم و فروعهم، و موطن طارفهم و تليلدهم، و مستقر قديمهم و جديدهم، منها بدأ مجدهم، و إليها ينتهى ميثاقهم و عهدهم.
بدأت نشأتهم الاولى على أرضها الخضراء، و تحت اديمها الصافى الكريم، فتكونت وحدتهم، و قامت دولتهم، و انبعثت نهضتهم، و استقامت حضارتهم، و سجلت فى ازهى صحائف التاريخ و عهدهم.
ثم تعاقبت الدهور و الأجيال، و هى شاهدة لهم بالسيادة، مقرة لهم بالاصالة، فى السياسة و القيادة، فإذا شاءت الاقدار للعشيرة الحاكمة منهم أن يجرى عليها حكم التغيير، نجمت من أعرقهم عشيرة اخرى، لتعيد ذلك المجد الوفير، حتى يزداد فى كل دولة اشراقا و يملأ اوطانا و آفاقا.
كانت تركستان قبل التاريخ و بعده رافعة العلم فى آسيا ملكا و سلطانا، ضاربة فى أعراق القدم بقدم راسخة فى العز و الفخار، و ظهر فى سماء التاريخ من ملوكهم و خواقينهم نجوم ساطعة، و أبطال جبابرة – استطاعوا أن يبسطوا ظل عظمتهم على القارات النائية و الممالك المترامية، و قد أثبت الباحثون من علماء الآثار و التاريخ: أن تركستان أول بلاد اكتشفت فيها زراعة الحبوب و تألف الحيوان، و كان الأتراك فيها يعرفون الزراعة قبل التاريخ، و هم الذين اقتادوا الخيول و الأغنام وغيرها أول مرة تحت إدارة الانسان.
و من الوثائق التى تدل على أن تركستان كانت مهد الحضارات البشرية ما اكتشفته بعثة الخفائر و التنقيب الأمريكية سنة 1904م، فقد عثرت البعثة المذكورة على أن تركستان لعبت فى المدنية دورا هاما، و سبقت بها سائر سكان البسيطة، و قد شهد رئيس البعثة المذكورة العالم الأثرى المشهور الأمريكى ( بومبللى Pumpelly )، بعدما درس الآثار التى عثر عليها، و تناولها بالبحث العلمى، بأن مدينة العصر الحجرى الجديد عاشت فى التركستان قبل تسعة آلاف سنة قبل ميلاد المسيح، كما أن تربية الحيوان وجدت بها قبل ثمانية آلاف قبل الميلاد، و الصناعات المعدنية قبل ستة آلاف سنة قبل الميلاد، و قد عثر فى القسم الشمالى من تركستان على آثار تاريخية فى بعض قبور قدماء الأتراك، و فى القلاع التاريخية القديمة، و هذه الآثار تشهد بأن تركستان لعبت أقدم دور فى المدنية.
و قد كتب بعض علماء أوربا بإعجاب عن المجموعة الاثرية التاريخية الموجودة الآن فى متحف لندن، و الآثار التاريخية التركستانية التى اتت بها بعثة ألمانية من مدينة ( تورفان Turfan )، فى رحلاتها العلمية الأربعة سنة 1902م، و 1904م، و 1907م، و 1914م، و اسوعبت فى متحف برلينن و هذه الآثار التى تشغل جانبا خاصا فى المتحف المذكور؛ و الآثار التى توجد الآن فى متاحف « ليفنجراد » و « موسكو » و « تومسك » و « كريستيارسك » تدل على أن قدماء الأتراك كانوا بارعين فى الفنون الجميلة، و الصناعات الدقيقة التى تشهد بمبلغ تقدمهم و مهارتهم فيها.
التقسيم السياسى
هذه البلاد الشاسعة الاطراف، الضاربة كما ترى بعرف اصيل فى أقدم مدنيات الدنيا، تمتعت بالاستقلال و الحرية الكاملة التامة فى جميع أجيال التاريخ قبل الإسلام و بعده، و لم تتغير وحدتها السياسية و استقلالها إلا فى أواخر القرن التاسع عشر الميلادى حيث وقع بعضها فى أيدي الصين و البعض الآخر فى أيدي الروس. أما القسم الذى استولت عليه الصين فيعرف: بالتركستان الشرقية، و تبلغ مساحتها (013ر501ر1) كيلو مترا مربعا و يقدر أهلها بنحو اثنى عشر مليونا من السكان.... و القسم الثانى الذى استولت عليه روسيا يدعى بالتركستان الغربية و تبلغ مساحة أرضها ( 000ر 106ر4) كيلو مترا مربعا، و تشمل على ستة جمهوريات سوفياتية شيوعية حمراء... و هى جمهوريات اوزبكستان و تركمنستان و تاجكستان و قازاقستان و قيرغزستان و قاراقالباقستان، و يبلغ عدد سكانها وفق إحصاء 17 يناير سنة 1939م 760ر627ر17 نسمة، و بذلك يكون مجموع سكان التركستان الشرقية و الغربية حوالى ثلاثين مليونا، فإذا ضمت إليها الأجزاء التركستان الصغيرة التابعة لإيران و أفغانستان، يبلغ المجموع أكثر من خمس و ثلاثين مليونا من الانفس، كلهم من سلالة الترك. بل هم أصل الترك – يتكلمون باللغة التركية المحضة، و تجمعهم وحدة الدم، و وحدة اللغة، و وحدة الدين و العقيدة و المذهب، و كذا وحدة الاخلاق و التقاليد، و وحدة الجنس و التاريخ، و وحدة المصالح و الامانى و الآمال.
فتركستان هى البلاد الوحدة فى الدنيا من حيث أن لغة أهلهاواحدة، و كذلك دينهم، بل و مذهبهم الفقهى، و أيضا جنسهم و عاداتهم. كل ذلك يجرى فى البلاد على نسق واحد مع اتساق رقعتها، و انبساط صفحتها.
و مهما كانت قوة الفاتحين و المستعمرين، فإنه لم يستطع و لن يستطيع غالب فى الغرب، و لا قاهر فى الشرق أن يمزق وحدتها المعنوية، و قوتها الروحية – و أن مزقها الاستعمار تمزيقا شكليا فى الظاهر، و حاول اطفاء نورها، و الله متم نوره و لو كره الكافرون.
تركستان
فالبلاد إذن بلاد تركية يسكن فيها شعب تركى، و يتفقهون على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان رحمه الله.
و تمتد مساحة البلاد من بحر قزوين و نهر أورال غربا، إلى سد الصين شرقا، و من سيبريا و منغوليا شمالا، إلى بلاد إيران و أفغانستان و الهند و التبت جنوبا. و تبلغ مساحتها الكلية 013ر407ر5 كيلو مترا مربعا، أي انها أكبر من مجموع مساحة أفغانستان و إيران و تركيا و العراق و المملكة العربة السعودية جميعا.
و كانت تتألف هذه البلاد عند جغرافى العرب و اليونان من اقاليم « خوارزم » و « صغد » و « ماوراء النهر » و « مرغيانة » و «إريانة » و « خرقانيا » و « بافتريا » و « اشرو سنة » و « سيكيتيا » و « سريقا » و هى نفس البلاد التى تقرأ عنها كثيرا فى المؤلفات الإسلامية القديمة.
و قد اشتهر تركستان منذ القدم بخصوبة أراض يها الزراعية، و جمال مناظرها الطبيعية، و كثرة البحيرات و الأنهار، و علو الجبال المكسورة بالخضرة و الازهار، المتوجة بالثلوج الابدية القرار، الدائمة الاستمرار. كما اشتهرت كذلك بقصباتها الجميلة، و قلاعها القديمة، و مدنها الباهرة، و قصورها الفاخرة، و كذا معادنها الوافرة، و معاهدها الزاهرة، و مساجدها العإمرة، وحدائقها الغناء، و آثارها الشهيرة، و سهولها الواسعة، و كرومها الشاسعة و أزهارها النفيسة، و أثمارها الشهية.
أنهارها:
تجرى خلال هذه البلاد أنهار كثيرة عذبة، صافية المرآة جميلة المرآى، أهمها « جيحون » و « سيحون » فى التركستان الغربية، و نهرى « إيلي » و « تاريم » فى التركستان الشرقية.
و هذه الأنهار و ما يتفرغ منها من الترع و التهيرات قد ربطت البلاد بسلسلة فضية، تنبت إلى جانبها الجنات الخضراء، و المروج الفيحاء.
صحاريها:
و هناك توجد كذلك صحارى واسعة شاسعة، مثل صحراء « تكلامكان » و صحراء «أوست يورت » و صحراء « قيزيل قوم » و صحراء « آق قوم » و مع أنها غير مأهولة بالسكان فإنها مستودع لكنوز حافلة بالآثار و التحف القديمة.
جبالها:
أما الجبال فى تركستان فإن الأهمية العظيمة فيها ترجع إلى سلسلة جبال « تيانشان » (تنكرى تاغ ) (Tanri Tag) و هى العمود الفقرى لكيان البلاد جميعا، و منها تنحدر السيول المنهمرة التى تكون هذه الأنهار الأربعة الفضية. و المركز العام لهذه السلسلة، و أعلى نقطة فيها هو قمة « خان تكرى » ( Han Tanri ) يبلغ ارتفاعها 7315 مترا و هى كتلة جبلية سفوحها جنات خضراء، و أوساطها ثلوج لؤلؤية بيضاء، و أما اعاليها فكتل صخرية سوداء.
مدنها:
من أهم مدن تركستان « طاشكند » و يبلغ عدد سكانها 005ر585 و « سمرقند » 346ر134 نسمة، و « بخارى 382ر50 نسمة، و « خوقند » 665ر84 نسمة، و «أنديجان» 677ر83 نسمة، و « نمنكان » 351ر 77 نسمة، و « عشق آباد » 580ر 126 نسمة و « جيمكند » 185ر 74 نسمة « سه مه ى » (Semey) 779ر109 نسمة، و «قاراغاندى » 779ر165 نسمة، و « آلما آتا » 528ر230 نسمة « بشكك » 659ر92 نسمة، و « جار جوى » 739ر54 نسمة كل ذلك على وجه التحديد وفق إحصاء 17 يناير سنة 1939م، - و مدينة كاشغر نحو 000ر 250 نسمة، و « ياركند » 000ر 400، و « خوتن » 000ر150 نسمة، و « آقسو » 000ر70، و « كوجار » 000ر70، و « كيريا » 000ر30، و « قولجا » 000ر90، و « أورومجى » 000ر35، و « بوكور » (Bugur ( 000ر30، و « كورلا » 000ر 29، و « طورفان » 000ر 25، و « آلتاى » 000ر25 و هذا على وجه التقريب.
السكان و عاداتهم:
أما سكانها الأتراك فهم امة امينة لمبادئها، قوية فى إيمانها متحدة فى امانيها يحس حاضرها بما يشعر به باديها.
تشتمل نفوسهم على أجل صفات الكرم و الشهامة و اعتداد بالعزة و الكرامة، فهم يحبون الغريب إذا قدم إليهم، و يبتهجون برؤية الضيف و يستعدون فى كل لمحة للدفاع عن الوطن كلما نودوا إلى الجهاد، و هم لا يعرفون معنى للجبن و التردد، و فيهم روح الحمية والاباء، و شعارهم العزيمة والمضاء، و قبلة الجميع خدمة الوطن و اعلاء كلمة الله و الجهاد فى سبيل الله، و هم معروفون منذ القدم بحبهم لوطنهم و حريتهم، و عندما تسمعهم ينشدون اناشيدهم الحماسية تعرف جيدا – كم يحب التركستانيون الحرية و يعشقون الاستقلال و لقد تجلى فى تاريخ هذه الأمةالعزيزة صدق قتيبة بن مسلم البأهلى البطل الإسلامى، و فاتح التركستان حيث يقول: «إن التركى أحن إلى وطنه من الإبل إلى معاطنها».
shahnar مشرف عام
نقاط : 6509 السٌّمعَة : 19 تاريخ التسجيل : 18/09/2008 الموقع : golanturkmenlere.com
موضوع: رد: تركستان الجمعة أبريل 24, 2009 11:20 pm
سلمت يداك يا دكتور مظفر لمواضيعك الرائعة
سحاب مشرف عام
الجنس : نقاط : 5567 السٌّمعَة : 10 تاريخ التسجيل : 18/10/2010 الموقع : دمشق
موضوع: رد: تركستان الثلاثاء ديسمبر 07, 2010 1:51 am
بارك الله فيك يا دكتور مظفر على اثرائك صفحات المنتدى بما هو في غاية الاهمية وعتبنا عليك كبير اين هذه الغيبة ندعوك للمساهمة بكثافة في منتداك مع الشكر الجزيل امل ان تتجدد مشاركتك القيمة