دكتور مظفر عضو جديد
الجنس : نقاط : 5770 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 20/04/2009
| موضوع: دول الأتراك فى الإسلام1 الثلاثاء أبريل 21, 2009 2:09 am | |
| دولهم فى الإسلام كانت جهود الأتراك كلها أدلة ناطقة على أن مجدهم فى الإسلام قام على دعائم ثابتة من مجدهم الراسخ، و برهانا على أن سجاياهم الفطرية فى معترك الجهاد قد انبعث فى ظل الإسلام، و ازدادت نورا و إشراقا، و إذا كان هذا الحديث المجمل صورة مصغرة من خدماتهم العلمية و الدينية. فقد كان لهم فى أفق السياسة و فى أنظمة الحكم، و إقامة الدول مدنيات إقتبست من الإسلام نورا و جديدا؛ بل أضافت إلى قاموس الحضارات العالية كلها مجدا لا يمر عليه التاريخ إلا بالثناء و الإعجاب. و الدولة الاولى من الترك بعد الإسلام فى تركستان، هى الدولة السامانية. الدولة السامانية كان « سامان ياوغى » الذى تنسب إليه هذه الدولة، من قبائل أوغوز التركية، و من رهبان معبد « نوبهار » البوذى فى بلخ، و قد استعان طاهر بن الحسين بأسد بن سامان فى بعض اعماله، و كان له أربعة اولاد، هم: نوح، و احمد، و إلياس، نشأوا نشاة حسنة، و إرتفع شأنهم عند المأمون، حينما كان عاملا لأبيه على خراسان، فلما أفضت إليه الخلافة ولى نوحا بن أسد سمرقند، و أخاه احمد ( فرغانة )، و يحيى ( الشاش ) ( طاشكند )، و أشروسنة ( اوراتيه ). أما إلياس فولاه « هرات ». ولما توفى نوح بن اسد، أضيفت عمله إلى إخوته، ثم توفى أحمد فقام بالأمر بعده إبنه نصر على سمرقند، ثم من بعده إسماعيل بن أحمد، وهو مؤسس هذه الدولة، وهى تعتبرأول دولة إسلامية تأسست فى تركستان منذ ظهور الإسلام، وقد توالى على الملك فيها تسعة ملوك – اولهم: إسماعيل بن أحمد (287 – 295).م، و آخرهم عبدالملك الثانى... و كان ملوكها مخلصين فى طاعة الخلفاء العباسين، يحاربون الخارجين عليهم. فقضوا على الصفاريين، و حاربوا العلويين فى طبرستان، و ظلت ممتلكاتهم تحت سيادة السامانيين. و لا نعرف على وجه التحقيق إلى أي حد امتد سلطان الدولة السامانية فى أفغانستان و قيل فى « مجمل فصيحى » أن إسماعيل السامانى حكم بعض نواحى الهند، و لعله كانت له بعض السيادة على ملوك « اوهند » من الهندوس. كان لهذه الدولة أثر حسن فى تاريخ الآدب الفارسية، و فى عهدها و رعايتها انبعث الادب الفارسى الإسلامى، و اشتهرت تلك الدولة بالعدل و الإصلاح، و قد بلغت أعلى منزلة، و أرفع مكانة و أسمى درجة فى الحضارة و الرقى و الغنى و الثروة، و إزدهرت العلوم و المعارف، و تاسست فى كافة أنحاء تركستان جمعيات علمية لتعميم العلم و نشره بين جميع الأهليين على اختلاف طبقاتهم، حتى أصبحت تركستان إذ ذاك كعبة للعلم و العرفان، تؤمها الأمم من كل حدب و صوب، فنشأ غير قليل من العملاء و الحكماء و المحدثين. وكذلك ارتقت التجارة و الزراعة، و تقدمت الفنون والصناعة، حتى اشتهرت فى جميع الآفاق منتجاتها الصناعية، و منسوجاتها الحريرية، ومصنوعاتها الحديدية... وصارت التجارة سببا قويا فى انتشار الإسلام بين قبائل الأتراك انتشارا مدهشا فى ذلك العصر. ولما كانت الدولة السامانية تسير إلى العظمة و المجد، تاسست فى شرقها دولة إسلامية تركية اخرى، وهى الدولة الخاقانية. وفى جنوبها الدولة الغزنوية. واقتسما فيما بينهما السلطان و الدولة.الدولة الخاقانية لا نجد من مصادر التاريخ من يتكلم على تأسيس الدولة الخاقانية إلا القليل النادر، و لكننا نعلم أن أول من أسسها و أسلم، هو السلطان « ستوق بغراخان ». و قد دانت لهذه الدولة كل البلاد التى تقع شمال جبال تيانشان، و جنوبها – أي التركستان الشرقية كلها. و تعرف هذه الدولة فى بعض كتب التاريخ باسم « دولة آل أفراسياب، و دولة خانات تركستان » أي الدولة الخاقانية. كما اطلعنا هنا، أو الخانية القاراخانية – و ذكرها المؤرخ التركى الدكتور « رضا نور » بعنوان «الدولة الأويغورية»، و أطلق محمود الكاشغرى عليها « الدولة الخاقانية »، و سماها الاوربيون بالدولة الايلكخانية، استنادا إلى المسكوكات و المخلفات. أن لهذه الدولة أهمية عظيمة فى انتشار الإسلام بين الأتراك، وقد عمل السلطان ستوق بغراخان على نشر الإسلام فى جميع أنحاء البلاد، و بسط نفوذه على جميع القبائل التركية فى وادى « سيحون »، وبدأ بتهديد الدولة السامانية. و فعلا استولى السلطان «إيلكخان ناصر » على ما وراء النهر، ثم حارب السلطان محمود الغزنوى لسلخ خراسان منه، و لكن الحرب تمت بالصلح. و لقد كانت الدولة ذات صبغة تركية محضة فى كل أمورها و شؤونها، و قد صنفت كتب كثيرة باللغة التركية فى ذلك العصر الزاهر، فمنها كتاب « قوتاتقوبليك » الذى كتبه يوسف خاص حاجب (1069 – 1070) و أهداه إلى السلطان ابى على حسن تابغاج بغرا قاراخان، و تحتوى على أكثر من 6500 بيت، و لهذا الكتاب قيمة فلسفية و اجتماعية، فضلا عن كونها أدبية – بل هى ادب الفلسفة، و نظرية الدولة – و لقد ترجم القآنأول مرة إلى اللغة التركية فى ذلك العصر. لم تستمر الدولة الخاقانية طويلا – على عظمتها الكبرى – بسبب النزاع الداخلى بين أمراء المملكة الذين يؤلفون الهيئة الحاكمة فى الدولة – إلا أن السلطان يوسف قادرخان (1014 – 1020) استطاع أن يوحد كلمتهم، و لكن سرعان ما بدأ الانقسام بعد وفاته.... فاستطاع الغزنويون أن يستغلوا هذا النزاع، الذى استغله أيضا سلاطين السلاجقة، وقد تمكن الخاقان ملكشاه و ابنه سنجر من بسط نفوذهما على سمرقند، و كاشغر. و انتقل هذا النفوذ بعد موقعة 1141م إلى قراختاى التركي الوثني. الدولة الغزنوية أما الدولة الغزنوية فقد أسسها « ألب تكين »، و ذلك أنه كان حاجبا للملك السامانى عبدالملك، و استطاع بمنصبه هذا أن يظهر بمظهر الحاكم الحقيقى للبلاد، و استوزر أبو على البلعمى بفضل نفوذه، و كان ذلك لا يصدر امرا من غير علمه و مشورته. ولما أراد الملك إبعاد « ألب تكين » عن العاصمة لم يجد وسيلة تحقق غرضه إلا تقليده أكبر منصبه حربى فى البلاد و هو ولاية خراسان (961 ) (349هـ) وقام بصرفه منصور بن نوح – وكان ألب تكين لم يرض عن ولايته لعرش تركستان، فرجع إلى بلخ (962م، 351هـ) وهزم جيشا أنفذه إليه منصور، ثم سار إلى فرغانة، وقضى على أسرتها الحاكمة، و شيد لنفسه دولة تركية جديدة. فلما مات خلفه ابنه ابو إسحاق ابراهيم الذى لم يستطع الاحتفاظ بسلطانه إلا بمعونة السامانيين، بالرغم من الفتنة التى قام بها صاحب غزنة السابق.. وهكذا أصبحت الدولة الغزنوية إمارة تابعة للسامانيين. ولما مات ابو اسحق اتفق الأتراك على تولية بلكه تكين، و بعد وفاته قبض سبكتكين على زمام السلطة، وأصبح هو المؤسس الحقيقى للدولة الغزنوية كما أصبح حاكما قويا فى أفغانستان كلها، وهاجم « جيبال » ملك « اوهند » الهندى، ثم ولاه على خراسان مولاه نوح السامانى. كانت الدولة السامانية أخذة فى الانحلال إذ ذاك، بينما كان سلاطين الغزنويين يزدادون قوة – ولما سبكتين (997) بعد عشرين سنة من ولايته تاركا لأبنائه ملكا عظيما، تتنازع الملك من بعده إسماعيل، و محمود، فأديل لمحمود، وهو أعظم ملوك هذه الدولة، ومن أكبر اباطرة الأتراك و مفاخر الإسلام، ومن أسمى عباقرة تركستان. قضى هذا العأهل على الدولة السامانية، و استولى على خراسان، و عراق العجم و خوارزم، و انتزع ما وراء النهر من الخاقانيين. وأعار على الهند سبع عشر مرة و انتصر فى جميعها إنتصارا باهرا و فاز فوزا مبينا. وبذلك انضمت الهند الشمالية إلى دولة الترك، و رفرف علم تركستان على سماء الهند لأول مرة فى الإسلام، و لقد حاز السلطان محمود شهرة كبيرة فى بلاد الشرق بين الأمم الإسلامية، و لما إتسعت فتوحاته و ثقلت أعباءه أخذت تهرع إليه وفود المسلمين المتطوعين من كافة البلاد الإسلامية رغبة فى القتال معه، و حبا فى الشهادة، لما كان لحروبه من الصبغة الدينية، إذ لم تكن غايته سوى تحطيم الاصنام و محاربة الوثنية و إعلاء كلمة الله... و لقد خلد السلطان محمود لنفسه فى بطون التاريخ إسما مجيدا، حيث أحرزأول إنتصار لجيش تركستان الإسلامى فى الهند، و هوأول تركى فتح الهند فى الإسلام. وقال بعض مؤرخى الافرنج « أن محمود فتح الهند كما فتحها الاسكندر إلا أن فتوحات الاسكندر ذهبت بذهابه، أما فتوحات ابن سبكتكين فبقيت إلى اليوم ». ولم يكن السلطان محمود فاتحا غازيا عالى المكانة من الجهة العسكرية فحسب: بل كان خاقانا عاقلا كيسا ناظما بين حاشيتى المادة و المعنى، جامعا بين دولتى السيف و القلم، و ملجأ يقصده رجال الفنون و الادب لتشجيعه اياهم؛ مما عاد على شعبه بجزيل الفائدة حتى صارت عاصمته « غزنة » كعبة لمشاهير الشرق من رجال السياسة و الفلسفة و الشعر و العلوم كعبة لمشاهير الشرق من رجال السياسة و الفلسفة و الشعر و العلوم الفلكية و اللغات الشرقية؛ و مركزا للعلم و العرفان، و مشرقا لأشعة الحكمة و الأدب، و إجتمع عنده كثير من أعلام الإسلام، و نوابغ الترك كالفيلسوف الأعظم ( أبى ناصر الفارابى ) الذى يعد مفخرة الأتراك فى كل عصر، و أبى ريحان البيرونى، و البيهقى المؤرخ، و فى أيامه أيضا نبغ الكاتبان الشهيران. أبو بكر الخوارزمى، و بديع الزمان الهمذانى، و لزم بابه العنصرى، و العسجدى و الفرخى، و غيرهم من شعراء الفردوسى صاحب « الشهنامة » الذى أثبت فيها تاريخ أبطال الفرس شعرا. بسط محمود سلطانه على بلاد واسعة شاسعة تشتمل من ناحية الغرب على خراسان و أجزاء من العراق و طبرستان، و من ناحية تركستان فى الشمال على ماوراء النهر و خوارزم، و على البنجاب كلها فى الشرق، و على أفغانستان فى الوسط. ولقد خلف محمودا ابنه محمد سنة 401هـ 1030م، ثم خلفه أخوه مسعود، و فى عهده وجهت أول ضربة قاضية إلى الدولة الغزنوية بقيام دولة جديدة فى تركستان، و هى الدولة السلجوقية، و فى سنة 1039م ( 431هـ) هزم طغرلبك السلجوقى مسعودا فى معركة حامية وقعت فى دندانقان بين مرو و سرخس فى جنوب تركستان. ومنذ هذه الموقعة إنتزعت منه تركستان و خراسان وجميع الممتلكات الغربية، وبقى ملكهم فى غزنة والهند فقد حتى قضت عليهم الدولة الغورية فى منتصف القرن السادس الهجرى. | |
|