استانبول قبل الفتح حسب بعض الكتاب المسلمين
البرفسور الدكتور سيماوي اييجة
(بحوث استانبول,عدد 2,صفحة 7 ,منشورات مركز بحوث استانبول الصادرة عن رئاسة دائرة الثقافة في بلدية استانبول الكبرى)
تم التخطيط في اجتماع هابيتات الثاني الذي نظم عام 1996 في استانبول اصدار كتابين كبيرين عن استانبول . وقد طلب مني تجهيز مقالة من اجل احد الكتابين عن الاجانب الذين شاهدو استانبول قبل الفتح ودونوا ذكرياتهم عنها .وقد شغلني هذا العمل طوال اشهر الشتاء عام 1995-1996 .اذ كان علي ان اقوم بجرد كل النصوص الاصلية اوالمترجمة لجميع الاشخاص الذين أتوا الى استانبول من دول شتى ولاسباب مختلفة ودونوا مشاهداتهم عن استانبول وعندما انتهيت كان حجم الملف الذي جهزته كبيرا اكثر مما توقعت .ولهذا السبب قرر نشر جزء منه فقط في كتاب هابيتات الثاني . وكان هذا الجزء هو عبارة عن المذكرات الثلاثة التي كتبت من قبل بعض من اشترك في الحملة الصليبية الرابعة على استانبول عام 1203-1204 اما النص الكامل لكل ما جهزته كان يلزمه كتاب مستقل لنشره.
ولكن فكرة نشر هذا البحث في كتاب مستقل يعرض ما شاهده وكتبه الزوار الاجانب عن استانبول خلال العصور الوسطى لم يكن قابلا للتنفيذ وسبب ذلك ان بعض النواقص التي يمكن غض النظر عنها في مقالة يجب ان تتمم في حال اخذ البحث شكل كتاب .اذ كان يجب اضافة بعض المنشورات التي يستحيل الحصول عليها ووضع ما كتبه بعض الرحالة التي تم ذكر اسماءهم باختصار في البحث في الفراغات كما كان يجب اضافة شروحات كثيرة في اسفل الصفحات كما كان يجب اضافة المخطوطات القديمة بقدر الامكان اضافة انه كان يجب اضافة صور الكتب الاثرية التي تم ذكر اسماءها في البحث .
ولهذا اقتنعت بفكرة ضرورة اعادة كتابة البحث الذي كنت قد جهزته وارجئت تسليم الكتاب لأجل الطباعة الى أجل أملت ان لا يكون بعيدا.وما سيأتي ذكره هنا تحت عنوان "استانبول قبل الفتح حسب بعض الكتاب المسلمين " الذي قدمته من اجل بحوث استانبول هو جزء من هذا البحث الذي ذكرته.وما ورد هنا ملخص عن مشاهدات و ابحاث اولئك الاشخاص الذين زارو استانبول ما بين القرن العاشر والقرن الخامس عشر .وكان من الافضل ترجمة هذه المقاطع من النصوص الاصلية ولكن كوننا لا نهدف الى هنا الى تقديم نصوص دقيقة ولاننا لا نعرف لغات اولئك فقد اكتفينا بترجمة هذه النصوص من اللغات الاوربية .وذكرنا المراجع في الحواشي السفلية.وكذلك اكتفينا بذكر توضيحات مختصرة عن الكتب التاريخية التي ورد فيها هذه المشاهدات دون الدخول بتفاصيل هذه الكتب لأن حجم المقالة المطلوب لا يسمح بذلك.
ان ما يخطر في بالنا عند قراءة ما كتبوه الرحالة القدماء وهو فيما اذا كان هؤلاء قد شاهدو ما كتبوه فعلا بأعينهم ام لا ؟ ان كان هؤلاء من الرحالة والجغرافيين العرب او ممن كتب بعدهم او كانو من الرحالة الاوربيين .ولكننا لن نتعرض وندخل في تفاصيل هذا الامر هنا وسنعرض فقط ما جمعناه من نصوص تعود الى بعض الكتاب المسلمين .
اهم الكتاب
(هارون ابن يحي (اواخر القرن التاسع او عام 912-913
ان اول العرب الذين شاهد وكتب عن استانبول في العهد البيزنطي في القرن التاسع هو هارون ابن يحي .وقد ورد ذكريات ابن يحي الذي قدم الى استانبول اسيرا في كتاب الجغرافية "كتاب الالق النفيس " لاحمد ابن رسته . حيث تم جلبه الى مدينة انطاليا التركية من ميناء مدينة عسقلان الفلسطينية الموجودة اليوم في اسرائيل .ومن انطاليا نقل عبر الجبال والوديان والاراضي المزروعة الى مدينة "نيكيا "المزدحمة جدا في رحلة استغرقت ثلاثة ايام .
يذكر البعض الى ان هذه المدينة هي مدينة قونيا (ايكونيون) ويذكر البعض الى انها مدينة ازنيك (نيكايا) .ولكن كون ان هارون نقل من هذه المدينة فوق حصان الى مدينة "سنقرة" المبنية على ارض سهلة في رحلة استغرقت ايضا ثلاثة ايام فان المدينة المذكورة لا يمكن ان تكون "ازنيك" ومن هنا تم نقله سيرا على الاقدام الى ساحل البحر خلال يومين ومنها هناك نقل بسفينة شراعية خلال يوم واحد الى استانبول .
ويرى بعض الباحثين الى هارون جلب الى استانبول في عهد الامبراطور باسيليوس الاول (867-886) ويرى اخرون الى انه في عهدالامبراطور الكسندريوس (912-913) وانه كان فيها في شتاء 912-913 وانه نقل منها في ربيع 913 .
رغم ان هارون جلب الى استانبول اسيرا الا انه تمكن من التجوال في المدينة حرا طليقا.ويعتقد الى انه تمكن من الحصول الى حريته اما بسبب كونه مسيحيا او لانه غير دينه .
وحسب تخمينات هذا الاسير العربي الى ان مدينة قسطنطينية كانت مدينة كبيرة محاطة من الشرق بالبحر .وانه هناك سهل واسع في الغرب .وانها محاطة بالاسوار وان الباب الذي يؤدي الى طريق روما كان من الذهب .وان هذا الباب اسمه الباب الذهبي .وانه يوجد فوق الباب تماثيل لاربعة فيله تجرها رجل واقف على ارجله.وانه هناك باب آخر من الحديد يسمى "بيغاس" كان الامبراطور يسلك طريق هذا الباب عندما كان يخرج في أي رحلة.ويعتقد ان هذا الباب هو
(باب بيغهي (باب سيليفري
ويتكلم هارون ايضا عن المضمار الموجود بجوار الكنيسة والقصر.ويقول " يوجد فيه تماثيل تصور احصنة فولاذية واشخاص وحيوانات وحشية واسود ". كما ىيذكر الاسير العربي هذا عن المتسابقين الذين يخرجون من الباب الغربي بألبسة مسغلولة وانهم كانو يدرون حول التماثيل الموجودة بين العربتين ذات النجوم الذهبية ثلاث مرات فوق حصانه ومن ثم كان ينتقل لخوض المسابقة .
ويقول هارون"ان القصر الكبير محاط من كل الجهات بالجدران.واحد اطرافه شاطئ بحر ولهذا الجدار ثلاثة ابواب حديديه"ويذكر اسماء هذه الابواب وفرشها الداخلي كما يتحدث عن حراس هذه الابواب .وانه هناك عند المدخل كنيسة الامبراطورية وانه يشاهد قربها ابواب اربعة سجون مخصصة للمسلمين .ويتحدث هارون ايضا عن مبنى الاستراحة المخصصة للامبراطور "كاتهيسما" ويسميها مقصورة وان هذه المقصورة مزينة باللؤلؤ والياقوت وان المخدات التي يتكئ عليها ايضا مزينة بهذه الاحجار الكريمة.
وحسب ما يذكر هارون الى انه يوجد في الساحة المجاورة للكنيسة الموجودة في مدخل القصرخزان .وانه كان يوضع فيه عشرة الاف قدر من الشراب والف قدر من العسل المصفى في الايام المقدسة.وكانو يشربون هذا الشراب من خلال افواه واذان التماثيل الموجودة فوق الخزان .
ويذكر هارون الى انه يدخل الى صالة الاحتفالات في القصر من خلال صالة الشرف التي طول كل جنب فيها اربعة مئة خطوة ومبلطة بالرخام الاخضر وجدرانها ملبسة بالموزاييك وان طول صالة الاحتفالات مئتا خطوة وعرضها خمسين خطوة وانه يوجد في وسط هذه الصالة ثلاث طاولات الطاولة الوسطى منها من الذهب وهي مخصصة للامبراطور.وانه يتم استضافة المسلمين في هذه الصالة .كما يذكر هارون بشكا مفصل عن آلة الاورغ التي جلبت الى هذه الصالة وعن عمل هذه الآلة.وكانت تتم مثل هذه الاستقبالات طول فترة ايام العيد الاثني عشر التي تسبق يوم "ايبيفانيا" المقدس في 6 كانون الثاني. ويذكر هارون ايضا الى انه عندما كان يترك الامبراطور الصالة في نهاية العيد كان يعطي لكل اسير مسلم دينارين وثلاثة دراهم .
وبعد يتكلم هارون عن ذكرياته في استانبول يذكر بشكل مفصل احتفال قدوم الامبراطور الى اياصوفيا .وما يلفت الانتباه هنا الى انه كان يوجد بين عناصر فريق الاحتفال عدد كبير من الفتيان الاتراك والخزر يلبسون دروعا وبأيديهم رماح وتروس عليها نتوءات من الذهب .ومن الاشياء الاخرى الملفتة للانتباه التي يذكرها هارون هو ادخال ثلاثة احصنة شهباء مدربة جيدا ومزينة بالاحجار الكريمة الى داخل ايا صوفيا وعندها اذا قام الحصان بعض السلاسل المعلقة على الجدران كان يصيح المتواجدون "لقد كسبنا معركة في ديار المسلمين"ولكن الحصان كان احيانا يشمها فقط دون ان يدخلها الى فمه.
كما يذكر هارون بعض المعلومات الطبوغرافية المفيدة عن استانبول.واولها ان هناك بالقرب من الكنيسة قبرا على قاعدة رخامية مربعة الشكل فوقه تمثال من الصلب للامبراطور الذي بنى الكنيسة وهو يمتطي حصانه وعلى رأسه تاجا ذهبيا مزينا باللؤلؤ والياقوت.اما يده اليمنى فهي مرفوعة كما لو انه ينادي الناس الى القدوم الى استانبول .ومن الواضح الى ان هارون كان قد رأى التمثال الذي ظل منصوبا حتى اواخر القرن الخامس عشر (15) والذي يقال انه الامبراطور ايوستينيانوس ولكنه في الحقيقة كما اوضح ب.و.ليخمان ان هذا التمثال ذو الحصان كان يصور الامبراطور تيودوسيوس.
كما شاهد هارون ال"هوروغليون" الموجود قرب الباب الغربي لاياصوفيا .اذ ان كل باب من الابواب الاربعة والعشرين الموجودة فوقه يقابل ساعة واحدة من اليوم.كما يتحدث هارون عن تماثيل الاحصنة الثلاثة المصنوعة من الصلب الموجودة بالقرب من باب القصر.ان هذه الاحصنة التي يقال انها طلاسم (وعددها في الحقيقة اربعة) كانت في البداية في المضمار ثم نقلت الى جوار اياصوفيا وقد تم نقلها فيما بعد الى فينيديك اثناء احتلال ونهب المدينة من قبل الصليبين عام 1204 .وهي الموجودة اليوم على جبهة كنيسة سان ماركو .
كما يذكر هارون الى ان الماء المجلوب للمدينة من منطقة تدعى بلغاريا على بعد عشرين يوما تمر عبر مجرى معلق داخل المدينة ويغذي احد افرعها القصر والفرع الثاني يغذي سجن المسلمين والفرع الثالث يغذي حمام الباتريس وان سكان المدينة كانو يشربون هذه الماء التي كانت مالحة قليلا.كما يذكر اسم دير ساترا الواقع قرب احد ابواب المدينة والذي يتسع لخمس مئة شخص.ويعتقد ان هذا الدير هو دير استديوس الكبير جدا الذي بني عام 461 الواقع في الطرف الداخلي مباشرة من الباب الذهبي في الابراج السبعة والذي حولت كنيسته بعد الفتح الى جامع امراهور الياس بيك .ومن غير الممكن التعرف على الاديرة الاخرى التي كانت واقعة خارج المدينة وعلى البعد منها.
(المسعودي (القرن العاشر
هو ابو الحسن بن الحسين المسعودي عاش في بغداد في القرن العاشر (10) وقام ابتداءا من عام 912 م بالتجول في اكثر مناطق العالم في ذلك العصر .وكتب خلال حياته العديد من الكتب القيمة ومات عام 956 م في القاهرة .ويذكر في كتابه "مروج الذهب" انه هنلك قناة (المضيق) طولها 350 ميل تجري فيها الماء من البحر الاسود الذي يسميه "نيتاس" الى بحر الروم (البحر المتوسط).وان ضفتي هذه القناة ممتلئة على الجانبين بالمنازل .وان المدينة واقعة في الضفة الغربية وتتبع لاراضي الغرب .وان باني المدينة هو قسطنطين وانه سميت المدينة باسمه .وانه توجد على مدخل المضيق مدينة رومانية تدعى موسنات (؟) .يتم بواسطتها السيطرة على عبور السفن الروسية والسفن الاخرى.وان هناك جبال وينابيع ماء جيدة.ويسمى احدهم باسم القائد مسلمة بن عبد الملك بسبب توقف سفن المسلمين عندها .
وعلى حسب ما يقول البيروني ان مياه القناة تحيط بالقسطنطينية من الشرق والشمال .وان المدينة موصولة من الغرب بالقارة .وان الابواب الحديدية والباب الذهبي هي موجودة ايضا في هذه الجهة.وان المدينة محمية بحصن وسور مؤلف من عدة طبقات. وان ارتفاع الاسوار الغربية تتراوح بين ثلاثين ذراع وعشرة اذرع .
ويذكر الى ان الساحل الممتد على طول القناة محاطة بجدار بالكامل يتخلله عدد كبير من الحصن والابراج. وان للمدينة عدد كبير من الابواب من طرف البحر وطرف البر .وان طقس هذه المدينة كثيرة التغير وانها رطبة بشكل دائم بسبب احاطة البحر لها من جهتين .
(حسن علي الخروي (القرن الثاني عشر
قام حسن علي الخروي برحلة طويلة تجول فيها في كل من سورية والعراق وبلاد ما بين النهرين وايران وبيزنطة واليمن والحجاز ومصر وجزر بحر ايجة كما بقي مستقرا لفترة في بيزانتيون .وذلك في عهد الامبراطور مانويل كومنينوس (1143-1180) .وقد توفي هذا الرحالة العربي في حلب علم 1215 م وقد كتب كل ما شاهده في رحلته الطويلة بشكل مفصل في كتابه الذي سماه "كتاب العجائب ". ولكن لم يعثر على هذا الكتاب الى اليوم الا ان له كتاب آخر عبارة عن دليل للحج موجودة بين ايدينا اليوم ويتحدث فيه باسهاب عن مدينو استانبول في القرن الثاني عشر (12).
ويحكي الخروي في كتابه فيقول "يوجد خارج اسوار المدينة قبر احد اصحاب الرسول (ص) وهو ابو ايوب الانصاري .اما الجامع الكبير الذي انشأه مسلمة بن عبد الملك فهو داخل المدينة .ويوجد هنا قبرا لشخص من سلالة الحسين بن علي بن ابي طالب .وهنا في قسطنطينو بوليس هنالك التماثيل المصنوعة من الحديد والرخام وهنالك الاعمدة والطلاسم الرائعة والمعالم الاثرية والكثير من الابنية التي تثير الاعجاب التي لا يمكن روؤيتها في أي بلد اسلامي .واسم الكنيسة الكبيرة هنا هو ايا صوفيا .ويقال ان هناك ملاك يحرسها وقد احاطو مكان وقوف هذا الملاك بقفص ذهبي .وسأذكر فيما بعد هذه القصة الاسطورية" ثم يتابع الخروي فيقول " سوف اتحدث انشاء الله في كتابي كتاب العجائب بشكل مفصل عن النظام المعماري لهذه الكنيسة وعن مخططها وعن ارتفاعها وعن طول وعرض ابوابها وعن اعمدتها ايضا وسوف اتحدث عن عجائب هذه المدينة كلا على حداه فسوف اتحدث عن قصورها وابراجها ورخامها وعن الباب الذهبي وعن الاحصنة المصنوعة من الصلب وعن اشياءها الباقية من العصور القديمة وعن تماثيل المضمار .... ان قسطنطينو بوليس هي بلدة فاقت بجمالها شهرتها .ارجو ان يجعلها الله بلطفه وعنايته مركزا للاسلام "
ورغم ان المعلومات التي يقدمها الخروي عن استانبول تقتصر بهذا الحد الا انه عندما يتحدث عن فاروس منارة الاسكندرية المشهورة يقلل من اهمية بقاياها ويقول "ان ما يثير الاعجاب في الحقيقة هي الاعمدة التي في استانبول " ويذكر الخروي ايضا فيقول "هنالك تمثال اثري في ساحة سباق الخيل ينحني حسب اتجاه الريح الى الشرق او الغرب او الشمال او الجنوب.كما يوجد هنا مبنى اثري مصنوع من الصلب لا يمكن الدخول الى داخله .وهناك بناء اثري قرب المشفى ملبس فوقه بالكامل بالصلب .انه مقبرة القسطنطينية .لقد وضع فوقها تمثال حاكم يمتطي حصانه .وقد ثبتت ارجل الحصان الى الحجر بالرصاص ما عدا رجله اليمين فهي مرتفعة كما لو انه يخطو .وكف اليد اليمنى لقسطنطين ممدود الى السماء مشيرا بذلك الى الدولة الاسلامية .ويحمل في يده اليسرى كرة.ويمكن للبحارة ان يروا هذا التمثال من على بعد يوم كامل (!).
والاراء حول هذا التمثال مختلفة.فبالنسبة للبعض هو عبارة عن طلسم يمنع دخول المسيحين الى الدول الاسلامية او انه يمنع احتلال المسلمين للدول المسيحية .وبالنسبة للبعض الآخر يوجد على سطح هذه الكرة كتابة تعني "لقد سيطرت على الدنيا ومسكتها في يدي كهذه الكرة الا انني فارقتها دون ان آخذ معي أي شيئ ".
ويتابع فيقول"ويوجد ايضا في السوق الذي يسمى استوبورين (أي ايس تون فورون) معلما اثريا آخر من الرخام الابيض المزين بصور اشخاص نافرة ومصنوعة بفن رائع .ومحاط بقضبان نفيسة ويؤمن بانه عبارة عن طلسم. وعند الصعود الى قمته يمكن مشاهدة كامل المدينة بكل وسعها .وسوف اصور هذا المعلم الاثري في كتابي كتاب العجائب وسوف اذكر ارتفاعه ومقاسات محيطه وابين عدد الدرجات اللازمة للصعود الى قمته .وسوف اتحدث عن مدى احترام الشعب له وللصور النافرة التي عليه.وسوف اتحدث عن ما يقال عن تماثيل الرخام والصلب من حكايا وعن الطلسم الذي يدور الى الجهات الاربعة وعن فرش الملائكة وعن الصليب والاسطورة الخاصة بها.وهذا الصليب متوضع في جهة قبلة المسلمين.وسوف اتحدث ايضا عن مشافي المدينة وعن التماثيل الموجودة في الساحات .سأضع كل التفاصيل في كتاب العجائب".
ان بعض الجمل الخاصة بالمعلومات التي يذكرها الخروي في كتابه هي نفسها مكررة ايضا في كتاب كوزموغرافيا العائد لزكريا بن محمد المعروف بالقزويني ( نحو 1203-1283) وكذلك في قاموس الجغرافية لياقوت .يتحدث القزويني عن ساعة عليها اثنا عشرة نافذة صغيرة يفتح باب احداها في كل ساعة ويخرج منها تمثال طير صغير .ومن المفترض ات تكون هذه الساعة هو الهوروغليون الذي يرتفع فوق قسم النارتكس لمبنى ايا صوفيا .وايضا حسب القزويني انه هناك قرب مدخل القصر طلسما على شكل احصنة من الصلب .وقد تم تصنيعه من قبل ابولونيوس من اجل منع احصنة المدينة من ان تثير الضجيج امام باب الامبراطور .
(الادريسي (1120-1140
هو ابو عبدالله محمد بن محمد من كتاب الجغرافية العرب عاش في الفترة(1100-1165-66 ) .خرج من سبتة(جيوتة) وتجول في الكثير من المناطق.وتركنا لنا في هذا المجال كتابا بعنوان "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق"
عاش الادريسي اعتبارا من عام 1145 في سيجيليا في قصر ملك النورمان روجيريو في قصر باليرمو وقد كتب كتابه وانهاه هنا عام 1154 م .ان هذا الجغرافي الذي تجول في الاناضول في عمر مبكر لا ندري بشكل اكيد فيما اذا دخل الى مدينة القسطنطينية ام لا ولكنه يذكر لنا بعض المعلومات عن هذه المدينة.وليس لدينا أي معلومة فيما اذا كانت هذه المعلومات هي رأيه الشخصي ام انه نقلها من كتب اخرى.
يذكر في كتابه المسافات بين المدن في منطقة تراكيا (القسم الاوربي من اوربا) ويتحدث عن مدن رودوستو(تكيرداغ) وايراكليا (اريلي) وسليميريا (سيليوري) وباتورا (اتهيرا=بيوك جكمجة) وريو (ريغيون=كوجوك جكمجة) وكذلك يشرح بشكل مختصر مدينة القسطنطينية.
ويتحدث فيقول "تقع هذه المدينة العاصمة على شبه جزيرة مثلثية الشكل وهي محاطة من الجهتين بالبحر اما الجهة الثالثة المتصلة بالبر فيوجد فيها الباب الذهبي .والطول الكلي للمدينة 9 ميل .وهي محاطة بشكل محكم من جهة البر والبحر بواسطة سور ارتفاعه واحد وعشرين (10.50 م) وسور امامي ارتفاعه عشرة(5 م) .ويوجد ما بين السور الخارجي والبحر برج ارتفاعه 50 (25 م) .وللمدينة ما يقارب 100 باب .ويأتي في مقدمة هذه الابواب الباب المسمى بالباب الذهبي وهو باب حديدي ملبس بألواح من الذهب ". ويؤكد الادريسي الى انه لا يعرف مدينة اخرى في بلاد الروم بحجم مدينة القسطنطينية ويتحدث باختصار عن قصر الامبراطور فيها.
ويقول "ان هذا القصر مشهور بارتفاعه ومساحتة التي يشغلها وبجمال المباني التي بداخلها .واما المضمار الذي يتم المرور فيه عند الذهاب الى القصر هو من اكثر ساحات السباق ادهاشا .ويتم العبور الى القصر من بين تماثيل الاشخاص والاحصنة والاسود المصنعة بواقعية تجعل امهر مهرة صناعة التماثيل يشعرون باليأس امامها وهي موجودة على الطريق وفي جوانبه . وكل هذه التماثيل مصنعة بحجوم اكبر من الحجم الطبيعي .ويوجد داخل القصر الكثير من التحف الاثرية الجذابة".
السبت أغسطس 22, 2009 4:06 am من طرف shahnar