ابن بطوطة (1334
ان ابن بطوطة الذي تجول في اهم البلاد القائمة في العصور الوسطى خرج من عمان من البحرين وانتقل الى سورية في القرن الرابع عشر(14) .ومن هنا انتقل الى الائيا عن طريق البحر.وقد تجول في ارجاء الاناضول وانتقل من مدينة سينوب عبر البحر الى شبه جزيرة القرم .وعندما ارادت زوجة الامير القبجاقي البيزنطية التي كانت حاملة ان تذهب الى استانبول لوضع المولود يذهب هو ايضا مع الجمع الذي يرافقها .ويعتقد ان هذه الرحلة تمت في صيف عام 1334 م .ولكن هناك بعض الاسئلة التي تحتاج الى توضيح فيما يخص هذا التاريخ والمخطط الزمني لرحلات ابن بطوطة .وكانت تتشكل القافلة التي رافقت السيدة البيزنطية زوجة الامير خمسمئة فارس ومئتان جارية اغلبهن من اصل اغريقي واربعمئة عربة حمولة والفا حصان ووثلاثمئة ثور لجر العربات ومئتا جمل اضافة الى عشر فتيان هنود واغريقي الذين يقومون بخدمة السيدة.وتنفصل قسم من هذا الوفد عند حدود بيزنطة.وتترك المكان الخاص المصنع من اجل ممارسة الاميرة لعباداتها هنا ايضا.وبعد ان تجتاز الحدود يجلب ايضا الشراب ولحم الخنزير .ولم يكن ممن حولها سوى رجل تركي واحد وابن بطوطة الذين كانوا يمارسون العبادة وفق الاصول الاسلامية.وعند دخولهم للمدينة يسيطر جو من التذمر اتجاه المسلمين ولكن يتم اجبار البيزنطيين على التوقف بأمر من السيدة.حتى انه يتم حبس احدهم بسبب سخريته من صلاة المسلمين. ويتم استقبال الاميرة خارج المدينة بحفاوة كبيرة.وعند دخولهم للمدينة تضج السماء بأصوات الاجراس.ويتم استقبالها بما يقارب المئة حرس عند وصولها الى باب القصر.ولكن الشعب يقومون بالصراخ ضد المسلمين قائلين "السراقين السراقين" ويحاولون منعهم من دخولهم الى القصر.وكان يوجد على العرش حينها الامبراطور اندرونيكوس بالايولوكوس الثالث (1328-1341).ومن ان يعبرو الى القصر من خلال اربعة ابواب يتم تطبيق اجراءات امنية شديدة على ابن بطوطة وبعد عبور الباب الخامس يتم مسك ابن بطوطة من ذراعيه و تنورتيه بواسطة اربعة جنود ويؤخذ الى صالة كبيرة ويعرض على الامبراطور.
وكانت الصالة كبيرة جدا وجدرانها ملبسة بالموزاييك المحتوية على رسومات من الطبيعة.وكان يوجد في وسط الصالة نهر جاري يوجد على طرفيه الاشجار (؟). ويوجد عرش الامبراطور هنا وامامه تقف الامبراطورة ام الاميرة واخوتها .وبعد انتهاء لقاءه مع الامبراطور يعطيه الامبراطور تسهيلات من اجل التجوال في المدينة.
وكانت المدينة حسب ما يذكر ابن بطوطة مقسومة الى قسمين بواسطة ماء البحر الذي يظهر فيه عملية المد والجزر بوضوح.ويقول انه كان فوق البحر قديما جسر حجري ولكنه متهدما الان ولذلك فانه يتم العبور من جهة الى اخرى بواسطة القوارب.وتسمى االمنطقة الواقعة على احدى ضفتي البحر باسم "استام بول " ويعيش فيها الحاكم والوجهاء والشعب الروماني .اسواقها وطرقاتها واسعة ومرصوفة بألواح حجرية.ولكل مهنة وصنعة مكان منفصل لا يشتركون فيه مع الآخرين.ولكل سوق باب يغلق في الليل ...... وهذا القسم من المدينة واقع على سفح مرتفع ممتد باتجاه البحر.ويوجد في قمة هذا المرتفع حصن وقصر السلطان .ويحيط بمحيط القمة سور قوي جدا .ولا يمكن ان يتسلقه احد من جهة البحر.ويوجد داخل السور حوالي ثلاث عشرة قرية .وتوجد خمسة كنائس في وسط المدينة .
ويسمى القسم الثاني من المدينة بأسم "غلطة" يعيش فيها المسيحيين الفرنج.وهم من قوميات مختلفة ففيهم الجنويزيين والفنديكيين والقادمين من روما اضافة الى القادمين من فرنسة .وحكم هؤلاء هو من حق امبراطور القسطنطينية. ويديرهم شخص يعين من قبل الامبراطور.ويدفعون الضرائب كل عام الى الامبراطور.ويتمردون باستمرار على الامبراطور وتستمر المعارك الى ان يتدخل البابا ويصلح ذات البين. وكلهم يعملون بالتجارة وميناءهم اكبر ميناء في العالم. ويقول "شاهدت هنا ما يقارب مئة سفينة كبيرة اما السفن الصغيرة كانت كثيرة الى درجة لم اتمكن من عدها .ورغم ان الاسواق في هذا القسم رائعة الا ان كل مكان هنا قذر وهناك مجرى ماء صغير تجري فيها كم هائل من الاوساخ.كما ان كنائس الناس هنا منفرة وليس فيها أي جانب جذاب.".
ويذكر ابن بطوطة الى انه سيتحدث فقط عن خارج اياصوفيا لانه لم يشاهد داخلها ويقول"يحيط بكنيسة الروم الكبرى هذه جدار مؤلف من ثلاثة عشر بابا .ولها باحة ذات مدخل كبير جدا.وبعد ان يقول ابن بطوطة "ان هذا المكان اشبه بصالة استقبال " يتحدث عن اشياء صعبة لا تصدق.اذ يقول "من وسط هذه الباحة ومن الكنيسة يخرج نهر يرتفع ذراعا ضفتيه مشغولة من الرخام المعرق بطريقة فنية تثير الاعجاب (!).وقد زرعت على طرفي النهر سلسلة من الاشجار بشكل منتظم .كما ان الاشجار المزروعة من باب الكنيسة الى مدخل الباحة تشكل فيما بينها سقفا .وقد علقت عليها اشجار العنب وزرعت تحتها اشجار الياسمين واشجار ذات روائح جميلة.
وحسب ابن بطوطة يوجد خارج الساحة مباني خشبية من اجل اقامة الكتاب والقضاة اضافة الى سوق البهارات .وان الماء الذي يخرج من الكنيسة يتفرع الى فرعين ويمر من داخلهم .ويوجد فوق الباب صندوق مخبئ فيه كما يقال قطعة من الصليب الذي صلب عليه عيس عليه السلام .ويوجد في داخله ايضا صندوق ذهبي صغير ثاني ايضا .ودرف الباب مصنوعة من الواح من الذهب والفضة اما مطرقتي الباب فهي من الذهب الخالص.
ويذكر ابن بطوطة الى انه يوجد في القسطنطينية عدد كبير من الاديرة وان احد هذه الاديرة واقعة خارج منطقة "استام بول " وتعود بناءه الى ابو الامبراطور جرجس (جرجيوس؟).كما يوجد ديرين آخرين بين البساتين يمر بينهما نهر احدهما للرجال والاخر للنساء.وبينما يتحدث ابن بطوطة عن الاديرة يقدم معلومة غريبة اذ يقول"ان غالبية سكان هذه المدينة مؤلفة من الرهبان ورجال الدين والخواري " .
ويذكر ابن بطوطة الى انه بينما كان يتجول خارج المدينة التقى بجرجس والد الامبراطور الحاكم وباني الدير الواقع في الساحل والذي ترك العرش وتحول الى راهب .ومن المعلوم الى انه لا يوجد امبراطور بأسم جرجس في التاريخ البيزنطي .ولكن من المعروف الى ان جد الامبراطور اندرينوكوس الثالث الحاكم في عام 1334من القرن الرابع عشر (14) وهو اندرونيكوس الثاني (1282-1328) وليس والده هو الذي ترك الحكم واعاد بناء دير "ليبس". ولكن هذا الدير الواقع على طرف شارع الوطن والذي حول الى جامع (كنيسة) عيس الفناري لا يقع على الساحل ولا خارج المدينة .اضافة الى اندرونيكوس الثاني يموت في عام 1332 م .فاذا كان ابن بطوطة قد قدم فعلا الى استانبول عام 1334 م فان كل ذلك يحتاج الى اعادة النظر.
وعندما ترفض الاميرة البيزنطية العودة ثانية الى القرم فان ابن بطوطة يحمل بالهدايا والعطايا ويترك المدينة .
حمد الله المستوفي (نحو عام 1340)
هو حمد الله بن ابو بكر المستوفي ولد في قزوين في عائلة من اصل عربي وتوفي فيها بعد عام 1340 بقليل .ولم بزيارة استانبول مطلقا ولكنه كان هاويا للجغرافيا والكوزموغرافيا وقد ألف كتابا باللغة الفارسية مما جمعه من المؤلفات المختلفة واتمه عام 740 هجري(1339-1340 م) تحت اسم "نزهة القلوب". ويذكر المستوفي في كتابه الذي جمع معلوماته من مصادر مختلفة الى ان مسلمة ابن الخليفة الاموي واخو الخليفة سليمان قد انشأ اثناء محاصرته لمدينة استانبول مباني حول المدينة وان بقايا هذه المباني ما زالت موجودة .ان محاصرة الجيش الاسلامي بقيادة مسلمة(120-737-8 او 123-740-1 ) لمدينة استانبول تمت عام 97-99 هجري (715-717 م) .ولكن المستوفي لا يذكر ماهية هذه المباني ولا موقعها .
وفي مكان آخر من الكتاب يعرض معلومات اكثر تفصيلا عن استانبول اذ يقول " ان مدينة بيزانطيون هي المدينة العاصمة لديار الفرنج وتسمى اليوم بالقسطنطينية .وقد بناها امبراطور الروم الثاني قسطنطين.وتعرف ايضا باستانبول ..... وحسب ابن خرداتبيه ان المدينة واقعة على شبه جزيرة ومحاطة من الجهات الثلاثة الشرق والغرب والجنوب ببحر الروم .اما من الشمال فترتبط بالارض الام .ويبلغ طول الجزيرة من الشرق الى الغرب 6 فرسخ .ويوجد للمدينة سورين متتالين .السور الداخلي منهما ارتفاعه 72 ذراع وعرضه 12 ذراع وله 1225 برج . ويناوب على حراسة هذه الابراج الرهبان (؟).اما السور الخارجي فارتفاعه 42 ذراع وعرضه 8 ذراع .ويفصل بين السورين مساحة فارغة بعرض 60 ذراع .
ان المستوفي الذي نقل هذه المعلومات من الخورداتبية احد الكتاب الايرانيين في القرن التاسع (9) والعاشر (10) (تقريبا 890-912) يحاول ان يعرض مدى متانة اسوار استانبول بشكل مبالغ فيه.اما ما يذكره عن تناوب الرهبان في حراسة الابراج فاذا لم يكن خطأ في الترجمة او سوء فهم فيمكن تفسيره بقيام الرهبان احيانا بالسكن في الطوابق العلوية لهذه الابراج .ويمكن اعتبار الرسومات الدينية التي وجدت في جدران الاماكن العلوية من هذه الابراج كدليل الى حد ما لهذا الذكر.
وحسب ما يذكر المستوفي الى انه يوجد داخل المدينة كنيستين باسم بيتروس وبافلوس وطول كل منها 300 ذراع وعرضها 200 ذراع .
وارتفاعه 100 ذراع .وسقفه مغطاة بلوحات من النحاس .وهذه اللوحات تغطي ايضا الجدران الامامية في داخل الكنيسة(؟).كما يوجد كنيسة اخرى في المدينة تسمى بالبيت المقدس .ويوجد هنا طاولة تقديم ايضا.ويوجد بالقرب منها عرش مصنوع من حجر اخضر يشبه الزمرد .وطول هذا العرش 24 ذراع وعرضه 6 ذراع وهوملحق بالجدار الامامي للمعبد .ويوجد على نفس الحائط رسما على الدائر يصور عيسى عليه السلام وبقربه امه مريم وحوله الحواريين الاثني عشر(12). وكل الرسومات من الذهب الخالص وعرض كل منها ذراعين ونصف .والاعين من الياقوت اللماع .وللكنيسة 28 باب ملبس بالذهب ويبلغ وزن النحاس المستخدم في كل منها حوالي الف قنطار . كما استخدم فيها العديد من المواد الاخرى مثل عاج الفيل ومواد اخرى .ويوجد داخل المدينة اعداد كبيرة من البيوت واكثر من اربعة الاف حمام (!) وعدد كبير من الكنائس المتناسبة مع هذه الارقام .
ان المعلومات التي جمعها المستوفي عن استانبول القديمة والتي اقتبسها من مؤلفات الكتاب الاقدم لا تقدم معلومة واضحة عنها .فالمعلومات المقدمة عن الكنيسة التي على الاغلب هي اياصوفيا من الواضح انها معلومات مبالغ فيها.والهدف منها ليس اكثر من عرض روائع البيزنطيين القدماء التي تبرق الابصار.والنص الذي نعرضه هنا يعتمد على الترجمة التي قام بها غوي لي سترنج قبل اعوام طويلة .ونريد الاشارة هنا الى انه للحصول على معلومات اوضح يجب العودة الى النص الاصلي .
(سراج الدين ابو حفص عمر ابن الوردي(نحو 1450
كما هو مفهوم ان سراج الدين ابن الوري لم يزور استانبول وقد جهز كتابه في الجغرافية والكوزموغرافيا (علم التضاريس) من خلال جمع المعلومات من كتب المؤلفين الآخرين في اواسط القرن الخامس عشر في اعوام فتح القسطنطينية .وان كتابه المسمى "خريطة العجائب وفريدة الغرائب" قد ترجم كما يقول ف. تشنر الى اللغة التركية عدة مرات .وان اقرب هذه الترجمات الى النص الاصلي هي ترجمة علي بن عبدالرحمن . وان ترجمة علي بن عبد الرحمن الذي يحمل اسم "عجائب المخلوقات " له نفس اسم كتاب القزويني .ويوجد نسخة من هذه الترجمة المنسخة عام 1099 هجرية(1687-88) ما بين المخطوطات في مكتبة جامعة استانبول (رقم : 2397).ويرى تشنر الى النسخة تعود الى الاعوام ما قبل الفتح وقد جهزت في مدينة بورصة.
يذكر بن الوردي الى ان "المدينة هي اهم مدن الرومان"وهي ذات شكل مثلثي محاطة من الطرفين بالبحر ومتصلة بالبر من الجهة الثالثة وان اهم ابوابها هي باب الذهب .ويذكر الى ان طول الاسوار المحيطة بالمدينة هو 9 اميال وان ارتفاع الاسوار 21 ذراعا .ولكن يمتد امامه سور امامي ارتفاعه عشرة اذرع .وان لهذه الاسوار اكثر من مئة باب .وان اشهر هذه الابواب باب المصنم .
ويوجد داخل المدينة القصر الذي يعد من عجائب الدنيا .ويوجد في نهايته مكان يدعى بابيدون .ونظن حسب ما يشرح بعد ذلك الى ان هذا المكان هو المضمار .وهذا المكان الذي يشكل الى حد ما ساحة امامية للقصر الكبير يحتوي على نسقين من اشكال الاشخاص والاحصنة والفيلة ووحوش مختلفة مصنوعة من الصلب بطريقة فنية لا مثيل لها .وهي بحجوم اكبر من حجم الانسان الطبيعي.
ويذكر ابن الوردي بعد ذلك بعض المعلومات التي لا يمكن ربضها مع الواقع .فبعد ان يذكر عن وجود هذه الاشياء الغريبة حول القصر يتحدث عن معلم اثري مقوع بالحديد والرصاص داخل المدينة وهذا المعلم الذي يسميه "المنارة" يقول انها تميل مع اتجاه الريح وان الناس يضعون تحت قاعدتها احجار الطوب لتهرس وتتحول الى تراب مطحون.
وحسب ابن الوردي هناك معام اثري اخر في المدينة وهي مصنوعة من قطعة واحدة من الصلب .ويتحدث ايضا عن منارة اخرى بالقرب من المشفى وان هذه المنارة ملبسة بصلب اصفر بلون الذهب .ويوجد فوقها قبر باني القسطنطينية الامبراطور قسطنطينوس . ويوجد فوق القبر تمثال من الصلب يصور قسطنطينوس ممتطيا حصانه.وقد ثبتت ارجله الذهبية الى القاعدة بمسامير من الرصاص .ولكن الرجل اليمنى الامامية للحصان في الهواء.وكف يد الامبراطور الذي يشير الى جهة المسلمين مفتوحا.ويمسك في كفه الايسر كرة.ومن الممكن رؤيته من على بعد يوم واحد في البحر ومن على بعد نصف يوم في البر.وحسب ما يذكر الى ان الكرة التي يحملها الامبراطور في يده هي عبارة عن طلسم.ويذكر الى انه قد كتب على هذه الكرة بالكتابة الرومية "لقد حكمت هذه الدنيا طول الوقت مثلما امسك بهذه الكرة ولكني الان فارقت الدنيا دون ان امتلك ايا من ذاك" .
وحسب بن الوردي هناك منارة اخرى في المدينة مبنية بالكامل من الرخام الابيض .وقد غطي جسمها من الاسفل الى الاعلى بالصور النافرة.وهو عبارة عن طلسم .ويمكن للشخص الذي يصل الى قمته ان يشاهد المدينة بأكملها.
وفي نهاية شرحه القصير لاستانبول يتحدث عما يسميه "القنطرة" .وحسب ما يرى ان هذا الجسر الذي هو من عجائب الدنيا طويل لدرجة لا يمكن التحدث عنه ووصفه دون المبالغة .وينهي بن الوري شرحه قائلا "ان في هذه المدينة عجائب اخرى كثيرة لا يمكن وصفها
الأربعاء أكتوبر 27, 2010 5:38 pm من طرف baturay avsar